إذا كان هناك من يرى أن إعلان حمدين صباحى ترشحه فى انتخابات الرئاسة المقبلة سوف يوفر أهم ركن نريده فى الانتخابات، وهو وجود منافسة قوية فيها، بين المرشحين، فالحقيقة التى يجب أن ننتبه إليها أنها، حتى الآن، منافسة شكلية، ولا تتجاوز الشكل إلى المضمون بأى حال. لماذا؟!.. لأن وجود منافسة فعلية، بين مرشحين اثنين، أو بين أكثر من اثنين، يقتضى بالضرورة أن تكون المنافسة بين برامج انتخابية واضحة، وليس بين أشخاص، أياً كان هؤلاء الأشخاص.
وإلى هذه اللحظة، فإننا سمعنا عن قرار من «صباحى» بترشيح نفسه، ولم نسمع عن برنامجه، ولم نقرأ عنه شيئاً، ولذلك، فالمسألة حتى لحظتنا الحالية، إنما هى ظاهر بلا محتوى.
وكنت أتمنى لو أسأل المشير السيسى عن برنامجه، لولا أنه لم يعلن ترشحه رسمياً، إلى اليوم، وبالتالى، فلا يمكن أن تسأله عن برنامج انتخابى يخصه فى انتخابات، لم يقرر هو بعد، ترشحه فيها بشكل رسمى.
وما نرجوه، بالنسبة لصباحى، ألا يرد ويقول إن برنامجه الانتخابى هو أفكار عبدالناصر، لأن هذا، أولاً، ليس برنامجاً انتخابياً بالمعنى المتعارف عليه فى هذا العصر، ولأن عبدالناصر نفسه، ثانياً، لو كان حياً بيننا، ثم خاض انتخابات 2014، ما كان سيخوضها بأفكاره القديمة أبداً، وكان سيجدد فيها قطعاً، لأنه أول من كان سيعرف أن أفكاراً كان يتبناها بقوة فى عصره، وكانت الجماهير تتحمس لها، لم يعد لها مكان فى العام الرابع عشر من الألفية الثالثة.
يبقى، إذن، أن يخرج علينا حمدين ببرنامج انتخابى واضح، ومحدد، وعملى، مع وضع مائة خط تحت كل كلمة من الكلمات الثلاث الأخيرة، إذ البرنامج الانتخابى غير الواضح ليس برنامجاً، كما أن البرنامج الانتخابى غير المحدد ليس برنامجاً، وبالدرجة ذاتها فإن البرنامج الانتخابى غير العملى ليس برنامجاً بالمرة، وربما يكون هذا الشرط الأخير هو أهم الشروط الثلاثة، لأنك كمرشح يمكن أن تخرج على الناخبين بأروع برنامج انتخابى فى الدنيا، ثم لا يكون عملياً، أى لا يكون قابلاً للتحقق على الأرض، فيفقد معناه على الفور!
لن يشفع لحمدين صباحى، ولا لغيره من المرشحين المحتملين، أن يكون كل واحد فيهم قد خاض انتخابات من قبل، أو أن تكون له درجة من الشعبية، كبيرة أو صغيرة، بين الجماهير، أو أن يكون مرتبطاً أو منتمياً إلى زعيم لايزال لاسمه رنين بين الناس، مثل عبدالناصر، أو.. أو.. فهذا كله قد ينفع فى أى مناسبة، إلا أن تكون هذه المناسبة هى انتخابات رئاسية فى زماننا الحاضر، وهذا كله قد يسعف صاحبه فى أى ظرف زمنى، إلا أن يكون هذا الظرف هو ما نعيشه، ونراه، ونعانيه، كمصريين، فى أيامنا الحالية!
ما ينفع فعلاً، وما يسعف حقاً، هو برنامج انتخابى قادر على أن ينقلنا، خلال فترة زمنية محددة، من مربع إلى مربع، ومن خانة إلى خانة.