هل نسينا الحب؟ أم أنه توارى خجلًا أو اختفى في طي النسيان؟ كيف اختفت مساحة الحب في حياتنا؟ لم تعد كلمات الحب والغزل تروينا.. لم تعد على طرف لساننا، تسبق ألسنتنا تفكيرنا فنعلن في كل حين أن قلوبنا غلف، وأن راية الكراهية خفّاقة، وأن العالم ليس سوى ساحة حرب، العالم مضطرب... الظلم والعدوان والطمع والأنانية فروع لجذر واحد: الكراهية، يرتدي الكره أحيانًا قناع الإرهاب وأحيانًا قناع التعصب الديني وأحيانًا قناع الاختلاف الفكري، كل يوم يموت عشرات الآلاف، نبكي موتانا جميعهم ولكن بكانا يكون حارًا على من قُتل غيلة وغدرًا.
يأتي الغد بعيد الحب ليرسم علامة تعجب على وجه عالمنا الحزين، الورود والقلوب الحمراء والهدايا تصبح وسيلتنا للحب، رغم أننا لا يمكن ببساطة أن نبادل مشاعرنا بدبدوب يحمل قلبًا مكتوبًا عليه I LOVE YOU ، تحاول مصانع الهدايا أن تبيع لنا سلعًا للحب لتكون بديلًا عنه في زمن لم يعد فيه الفرق كبيرًا بين الأصلي والتقليد المتقن الذي لا يدركه إلا الخبير.
ما الذي حدث لنا؟ كيف استبدلنا الظاهر بالباطن، انظر حولك... تجد دور العبادة مكتظة بالبشر ورغم ذلك تخلو القلوب من الحب، أتباع الديانات السماوية مستعدون للحرب والموت دفاعًا عن من يمس عقيدتهم ولكنهم غير مستعدين للموت لينشروا عقيدة الحب والتسامح في العالم، رغم أن الأصل في العبادات الحب كما يقول المتصوفون، ساعات قضيتها مستمتعة ومتأثرة برواية «قواعد العشق الأربعون» للكاتبة التركية إليف شافاق التي صدرت منذ عدة سنوات، رواية تحمل دعوة للحب عبر زمانين، زمن جلال الدين الرومي والتبريزي وزماننا، حملتني بخفة لعالم الحب الإلهي ومنه للحب البشري وحب كل مخلوقات الله.
استوقفتني بعض من هذه القواعد: «إن الطريقة التي نرى الله فيها ما هي إلا انعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا. فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف والملامة، فهذا يعني أن قدرًا كبيرًا من الخوف والملامة يتدفق من نفوسنا. أما إذا رأينا أن الله مفعم بالمحبة والرحمة، فإنا نكون كذلك».
«تظن أن حياتك حافلة، مليئة، كاملة، حتى يظهر فيها شخص يجعلك تدرك ما كنت تفتقده طوال هذا الوقت، مثل مرآة تعكس الغائب لا الحاضر، تريك الفراغ في روحك، الفراغ الذي كنت تقاوم رؤيته، حين يغشاك الحب تكتمل».
«إن السعي وراء الحب يُغيّرنا، فما من أحد يسعى وراء الحب إلا وينضج أثناء رحلته، فما إن تبدأ رحلة البحث عن الحب، حتى تبدأ تتغير من الداخل ومن الخارج».
«لا تحاول أن تقاوم التغييرات التي تعترض سبيلك، بل دع الحياة تعيش فيك. ولا تقلق إذا قلبت حياتك رأسًا على عقب. فكيف يمكنك أن تعرف أن الجانب الذي اعتدت عليه أفضل من الجانب الذي سيأتي؟».
فاصغِ إلى قلبك ولتبدأ بحب نفسك «إذا لم يتعلم المرء كيف يحب نفسه حبًا كاملاً صادقًا، فلا توجد وسيلة يمكنه فيها أن يحب، لكنه عندما يبلغ تلك المرحلة، سيشكر كل شوكة يلقيها عليه الآخرون. فهذا يدل على أن الورود ستنهمر عليه قريبًا، وحاول أن تعيش لحظة حب حقيقية مع نفسك ومع من تحب».