سبع سنوات من المشروعات المتوقفة والأفلام التي تبدأ على صفحات الجرائد ولا تكتمل.. قبل أن يعود إلينا الحريف بفتاة المصنع.
اختزال الفيلم باعتبار مخرجه رائدا في السينما الواقعية في أنه نقل سينمائي ساحر لواقع اجتماعي أو اقتصادي لطبقة أو جزء معين من الشعب أو حتى تناول فكرة الكبت عند قطاع من البنات والسيدات باعتبارها المنطقة المفضلة لكاتبة الفيلم وسام سليمان سيكون هذا كله ظلم كبير للتجربة.الفيلم مكتوب بحرفية عاليةتتضح في جمله الحوارية والسيناريو به نضج وتقدم كبير لوسام سليمان بعد آخر فيلم لها مع خان في 2007 "في شقة مصر الجديدة».
«على كده أنا أجدع منك»
مشاهد بعينها في هذا الفيلم ستظل في الذاكرة طويلا..مشهد «جروبي» ومشهد الجدة ومشهد هيام وهي عائدة من منزل المهندس صلاح بجوار سور مترو السيدة زينب ومع المشاهد تفاصيل حوارات البنات في المصنع أو الأم –سلوى خطاب- وهي تحكي للبنات عن فساتينها القديمة أو اضطرار الخالة لاستخدام حمامهم وحوارات رحلة السخنة ومشهد نشر الغسيل على سطح المنزل.
...
«- شايفة العماير ؟
- كل دي شقق فاضية؟»
الكاستينج أو اختيار الممثلين –باستثناء هاني عادل- من أبرز ما حقق للفيلم هذه الحالة المتفردة. تميز لياسمين رئيس يدفعها للتقدم في تصنيف مميز لقائمة قصيرة من الممثلاث في السينما المصرية وكذلك سلوى محمد علي وابتهال الصريطي وسلوى خطاب وان شاب أداءها مبالغة في بعض المشاهد ومعهن سلمى دهب،حتى في اختيار من قدمن أدوارمشرفات المصنع و الزميلات العاملات.
...
«هو عيب الواحدة تقول للواحد انه واحشها؟»
الكبت الذي يعانيه جيل كامل يرتفع إلى آلاف الأضعاف بالنسبة لطبقة معينة. وألف أخرى بالنسبة للفتيات من هذا الجيل في تلك الطبقة، والكبت هنا ليس جنسيا فقط. سترى هذا في مشهد بسمة أخت البطلة وهي عائدة في الاستراحة بعد أن اشترت الطعام لزميلات المصنع ثم ترى تفاحة في يد طفلة في نفس سنها عائدة من المدرسة أو الجدة وهي تسخر أمام الفرن من «عيدة» التي تزوجت مرة أخرى «واد من دور عيالها» أو «نصرة» وهي تنظر يوم استلام الراتب إلى فترينات المحلات قبل أن تسحبها هيام من يدها وتذهبان إلى وكالة البلح ليبحثن في الملابس المستعملة على ما يناسبهن، أو وزوج زميلة لهن وهو يعاجلها على باب المصنع ليخطف من يدها راتب الشهر.
«هم طالعين فيها على إيه ؟ أمال لو كانوا ساكنين في المعادي ولا المهندسين؟ دول حيالله في المنيرة ..السيدة زينب يعني»
«باشمهندس 2013» لا يبدو مختلفا للمفارقة في نظرته لهيام عن نظرة أحمد مظهر لهنادي وآمنة في دعاء الكروان عام 10968 ، اختطف قبلة من هيام التي أحبته وقالت له ان وجود والدها كان لينقذها من قسوة هذه الحياة لكنه لا يراها حبيبة ولا زوجة، لكن بالإضافة إلى هذا فإن نظرة المهندس صلاح ووالدته تكشف كذلك نظرة طبقتين لبعضهما ومع النظرةتكشف حجم البؤس الذي نعيشه، فأفراد الطبقتين شركاء في المعاناة أصلا لكنهما يفرغان معاناتهما في علاقتهما ببعضهما البعض، يتطلع أحدهما للآخر آملا أن يكون طوق نجاته بينما يزدريه الآخر ويحط من شأنه ولا يراه إلا في تصنيف انساني أقل منه لا يستحق سوى المرور العابر في حياته.
«إهداء إلى سعاد حسني»
على جدار سور مترو السيدة زينب الجرافيتي الشهير الذي يحمل صورة سعاد حسني مع عبارة "البنت زي الولد" يأتي هذا المشهد مع اختيار بديع لمقاطع متفرقة من أغنيات لسعاد حسني وظفت بشكل جيد مع موسيقي جورج كازازيان.
«حظي هو اللي قال لي امشي ورا قلبك..يجوز عشان بقى عندي 21 سنة ..ويا لهوي ع الواحدة مننا لما تكمل 21 سنة»
الواقع القبيح هنا لا يخرج بصورة منفرة على الشريط السينمائي بل تأخذك المشاهد بالفعل إلى هذه الحالة من البسترة في المشاعر..سعادة بأشياء بسيطة كرحلة مختلسة أو شراء ملابس داخلية جديدة أو لعب في زقاق أو سماع أغنية من كاسيت محطم أو ظهور شاب طول بعرض في مصنع ملابس تعمل بها عشرات الفتيات إلى استرجاع مآسي وفشل عاطفي واحباط من كل ما يدور إلى روح تعتز بنفسها ولا يكسرها كل هذا فتقف في الفرح تتراقص على أنغام عبد الوهاب موفية بندرها.
..
الآن كلنا حماسفي انتظار الأستاذ إحسان ونسمة وستانلي وكل المشروعات التي انتظرناها ولم تكتمل.