14 دقيقة تقريبًا هي الفترة التي استغرقها بيان السيسي على شاشة التليفزيون المصري، وفي الثانية 24 تقريبًا أعلن السيسي قراره بترك الخدمة في القوات المسلحة، وما إن قال «أعلن اعتزامي الترشح لرئاسة الجمهورية»، إلا وهاج من يحبون تسمية أنفسهم زورًا «المتعاطفون مع الإخوان»، وماج أنصار حمدين صباحي، ممن يشاهدون خطاب المشير.
«يعلن استقالته بالبدلة العسكرية»، كان أول الانتقادات التي وجهت للسيسي بعد بدء خطابه بثلاث أو أربع دقائق على الأكثر، ضمن عدد آخر من النقاط، منها «بيستخدم أجهزة الدولة»، «أول انتهاك لحيادية مؤسسات الدولة وأجهزتها وإعلامها وإثبات انحيازها»، «أعلن استقالته في التليفزيون المصري ثم خاطب الشعب دون صفة رسمية»، وأخيرًا «خطابه مخالفة لقانون الانتخابات وقواعد اللجنة العليا للانتخابات».
وبحصر النقاط التي اختلف حولها «المتعاطفون مع الإخوان»، و«أنصار حمدين»، بشكل موضوعي، وبعيدًا عن الأهواء وأي تحيز، يمكننا اختصارها إلى:
1- إعلان ترشح السيسي للرئاسة بالبدلة العسكرية.
2- ترشحه يرسخ لمفهوم الانقلاب.
3- حديثه يعتبر دعاية انتخابية، بالمخالفة للقانون لعدم فتح باب الترشح للرئاسة.
4- استخدام مؤسسة تابعة للدولة للدعاية.
5- إعلان ترشحه من التليفزيون المصري بحكم منصبه يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين.
لا تجهد نفسك أيها المؤيد للمشير في البحث عن مبررات وأسباب تبرئة مما نسب إليه، لأن «المتعاطفين مع الإخوان»، و«أنصار حمدين»، لم يعلقوا ولو بكلمة على إذاعة التليفزيون المصري لفيلم تسجيلي في الساعة العاشرة مساء عن مشوار صباحي النضالي بمجرد انتهاء بيان السيسي، واكتفوا بالاتفاق على العمل بالمثل الشعبي «ودن من طين وودن من عجين»، والفيديو موجود على YouTube لمن أراد التأكد بنفسه.
بمنطق «المتعاطفون مع الإخوان»، و«أنصار حمدين» يجوز لنا أن نصف كل أحاديث حمدين صباحي التليفزيونية التي أجراها طوال الفترة الماضية، وتحدث خلالها عن بعض نقاط برنامجه الانتخابي بشكل غير مباشرـ تمامًا كما فعل السيسي ـ بأنها تعد مخالفة للقانون لعدم فتح باب الترشح للرئاسة بشكل رسمي، حتى ولو كان حديثه في قناة تابعة للقطاع الخاص، فحظر الدعاية لا جدال فيه.
النقطة الثانية، إعلان السيسي ترشحه بالبدلة العسكرية أمر طبيعي لكونه لا يزال وزيرًا للدفاع قرر إعلان استقالته على الهواء، مثل أي موظف عام يتاح له الـ.. الـ...، أقول لكم، دعونا من كل تلك المبررات.
هناك حل بسيط لعدم الخوض في تلك النقاط وإثارة الخلاف بين الأصدقاء على المقاهي، والأسر في المنازل، أن تعلن درية شرف الدين، وزيرة الإعلام، استضافة المرشح الرئاسي المحتمل حمدين صباحي على الهواء مباشرة لمدة 3 ساعات وليس 15 دقيقة خلال اليومين المقبلين، وقبل فتح باب الترشح للرئاسة رسميًا، للحديث عن كل ما يجول في خاطره، حتى لو وصل الأمر إلى الحديث عن الطعام الذي يفضله، أو أفضل الأفلام التي يحب مشاهدتها، باعتباره شارك من قبل في مشهد لأحد الأعمال السينمائية، وبذلك تكون الدولة منحت له الهواء بمعناه الحرفي كمتنفس، والهواء بمعناه الفضائي والتليفزيوني للحديث عما يريد، وهو ما سيمنع «المتعاطفون مع الإخوان»، و«أنصار حمدين» من التشدق لمدة 4 سنوات مقبلة بإعلان السيسي برنامجه على شاشة التليفزيون المصري، كما سيساعد هذا الحل البسيط والمتاح على تأكيد مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين.. لكن هل سيفوز؟
أما عن نقطة أن ترشح السيسي يرسخ لمفهوم الانقلاب، فلا مجال لها الآن أو فيما بعد، لأن حمدين يخوض الانتخابات نفسها.