ايجى ميديا

الجمعة , 1 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

عمر طاهر يكتب: عقدتي

-  
عمر طاهر
من المفكرة..  

كان المشوار يبدو بسيطا مثل بقية مشاوير الطفولة، «عمر.. روح هات لنا الزبادى من عند بهجت»، وبهجت صاحب محل البقالة الصغير الموجود على ناصية شارعنا اشتهر بشيئين؛ الأول: أنه يقف فى المحل بالبيجامة، والثانى: أنه أفضل من يصنع الزبادى والجبن الأبيض الطازج منزليًّا. كانت هذه البضاعة سر شهرته ونجاحه فى المدينة، لم تكن سوهاج وقتها قد عرفت الزبادى المصنَّع والمغلف أوتوماتيكيًّا، كان يصنعه فى علب بلاستيك بلا غطاء، وهنا تكمن الكارثة.

المسافة من منزلنا إلى المحل نحو مئة متر، بالوقت أصبحت المئة متر الأصعب فى مشوار حياتى، لم أعد يومًا بالزبادى سليمًا إلى المنزل.

فى البداية كان الأمر يبدو استهتارًا طفوليًّا، أحمل أكواب الزبادى الملفوفة فى ورقة جورنال، وبسبب الرعونة وطيش الطفولة كنت أسقط باللفة عندما يفاجئنى الرصيف، أو عندما أتورط فى محاولة لإحراز هدف بطوبة فى منتصف الشارع بقذيفة بسن الحذاء فأشوط الأسفلت، أو أن يختل توازنى فى مدخل العمارة وخلاص.

عاقبنى الأب فى البداية بقرصة أذن خفيفة تصاعدت حدتها بمرور الوقت، ثم اختلطت بالتوبيخ الشديد لكونى غير قادر على تحمل المسؤولية رغم تفاهة الموقف فى اعتقادى وقتها. حاولت أن أتنحى عن هذا الدور، وأن أكتفى مثلا بشراء الخبز، لكن أهل البيت رفضوا وأصروا أن أكرر المشوار نفسه يوميًّا علشان أتعلم، وفى إحدى المرَّات كنت قد صعدت عدة درجات من السلم، ثم فوجئت بابن الجيران كعادة كل المصريين ينادى على أهله «علشان ينزلوا له السبَت»، وفى عز حرصى وتركيزى الشديد وأنا أصعد السلم شق هذا السكون الهائل صوت جهورى «يا حااازييييم..» فانهرت تماما، ولم أدرِ بنفسى إلا وأنا ممسك بحازم أنهال عليه ضربًا وصفعًا «كده وقعت الزبادى؟ طرااخ.. كده؟ دِب»، وأصررت أن لا أتركه قبل أن ينزل والدى ليكون شاهدًا على عدم تقصيرى هذه المرة.

بعدها أذكر أننى سمعت أمى يومًا تقول لأبى باكية: «الواد لازم يجيب الزبادى.. لازم ندى له فرصة ونشجعه.. الواد هيتعقد كده»، فبدأت مرحلة جديدة مليئة بالتشجيع وبحلول أبى المبتكرة، فى البداية أحضر صندوقًا بلاستيكيًّا أزرق اللون، ما زلت أذكره حتى هذه اللحظة، وطلب منى أن أضع فيه علب الزبادى وأحمله بحرص، وكانت الخطة ناجحة حتى صدمتنى درَّاجة فى أثناء عبورى الشارع، حاولت مرة أخرى وكانت شبه ناجحة.. أذكر أن والدتى ووالدى كانا يقفان على بسطة السلم يراقبان الموقف ويشجعاننى، نظرت إلى وجه أمى ورأيتها مبتسمة، شجعتنى ابتسامتها فأسرعت قليلا فعلقت قدمى بإحدى درجات السلم، ولم أجد ما أحمى به وجهى سوى الصندوق البلاستيك فغطى الزبادى وجهى، سمعت أبى يقولها بصوت عالٍ: «يوووووووه»، أما أمى فقد هونت علىَّ الأمر.

منحانى إجازة أسبوعًا من هذا المشوار، وفى مرة كنت عائدًا أنا وأبى ومررنا بمحل بهجت، اشترى بعض المستلزمات، وفى حركة خبيثة عمل نفسه مشغولًا بحملها، وطلب منى أن أحمل الزبادى، كان أبى خلال هذا المشوار يلعب دورين، دور خبير الكوارث الذى يدرس الأمر ليعرف أسبابه، ودور الملَّاح الذى يوجهنى خلال الرحلة، ويبدو أنه اكتشف السر، حيث لم يكرر على مسامعى طوال الرحلة سوى جملة واحدة «ما تحطش وشك فى الأرض وانت ماشى»، نجحت خطة أبى ووصلت بالزبادى سالمًا، لم أدخل به إلى المطبخ، ولكن إلى حيث تجلس أمى، كنت سعيدًا ومنتشيًا للغاية، وكانت فى عينيها فرحة ودموع ما، وكافأتنى أنا وأبى بأن صنعت لنا صينية بيتزا.

أصبح بهجت ثريًّا، وحوّل محل البقالة إلى محل لتجارة الذهب، صار يقف فيه مرتديًا بنطلونًا وقميصًا، أما أنا فقد أصبحت رجلًا لا يمتلك أى سبب للسعادة سوى أنه أقلع منذ زمن بعيد عن «البص تحت رجليه».

التعليقات