أعادت النيابة العامة الروح مرة أخرى إلى قضية اتهام مبارك والعادلى وأعوانهما فى قتل المتظاهرين فى أحداث ثورة ٢٥ يناير.
.. وأكدت النيابة فى مرافعتها أنه تم تسليح الضباط والأفراد بالخرطوش والذخائر: «لقد ثبُت بدفاتر الأحوال والسلاح بالمديريات أنه تم تسليح الضباط والأفراد بالخرطوش والذخائر، وتم تحديد أماكنهم بنفس الأماكن التى قتل فيها المجنى عليهم».
.. وأكدت النيابة فى المرافعة أيضا ثبوت الاتهام فى حق مبارك والعادلى من خلال معلومات الجهات السيادية والواردة قبل مظاهرات ٢٥ يناير.. وثبت من مطالعة النيابة لمذكرة المباحث الجنائية بوزارة الداخلية المحررة فى ٢٤ فبراير ٢٠١١ أن مظاهرات ٢٥ و٢٦ و٢٧ سلمية، وأن المواطنين علموا بسلمية المظاهرات، وأنها تطالب بإصلاح اجتماعى واقتصادى ولا تحتاج إلى مواجهة أمنية.
لكن المتهم الأول -مبارك- أصر على مواجهتها وأعطى أوامره للعادلى الذى اجتمع بمساعديه ونفذ أوامره، وكلف بها مساعديه دون أن يتم عرض الأمر على مجلس الوزراء وقمع المظاهرات.
.. وقد استدلت النيابة على ذلك فى مرافعتها بواقع دفاتر تسليح قوات الأمن المركزى التى تبين تسلحهم بالأسلحة النارية والخرطوش، وأنهم فى يوم ٢٥ يناير خرجت تشكيلات من قطاع الأمن بالإسماعيلية إلى السويس وتم تسليم أفراد التشكيل طلقات خرطوش وطلقات كاوتش وطلقات رش خفيف، التى من المحظور استخدامها مع التجمعات أو حتى المجرمين عتيدى الإجرام.
وقال ممثل النيابة فى مرافعته أمام المحكمة التى يجرى فيها عادة محاكمة مبارك وأعوانه إن مبارك كان يرى ويشاهد تعامل الشرطة مع المتظاهرين، واعتصام المتظاهرين، مدللا على ذلك بما شهد به مهندس غرفة عمليات الرئاسة، والثابت بدفاترها، إلا أنه أصر على عدم التراجع.. وعلى الرغم من تراجع العادلى وتحذيره مبارك بعدم قدرة الشرطة على التصدى وسقوط أعداد كبيرة من المتوفين والمصابين من جانب الشرطة والمواطنين، وحاجته للاستعانة بالقوات المسلحة، فإنه أصر على موقفه فى التعامل بالقوة مع المظاهرات.
هكذا كان يدرك مبارك الثورة عليه.. وكان يدرك بمعاونة أسرته أنه فى مواجهة مع الشعب.
.. وكان يدرك أن رصاصًا ـخرطوش وحى- كان يطلق على المتظاهرين السلميين.
.. وكان يدرك أن حالات كثيرة سقطوا قتلَى إثر ذلك.
.. وحاول إلى آخر نفس الاحتفاظ بالسلطة بمعاونة أسرته وقوات شرطة العادلى.
لقد كان يشاهد على شاشة التليفزيون الخاصة فى الرئاسة المظاهرات السلمية وضرب قوات الشرطة للمتظاهرين، ولم يفعل شيئا بل طلب الاستمرار فى تعامل الداخلية فى بضرب المتظاهرين.
لقد كنتُ فى تلك المظاهرات، ويوم ٢٨ يناير شاهدت كم العنف الذى مارسته الشرطة ضد المتظاهرين السلميين.. ورأيتُ الشرطة تطلق الغاز من أعلى جامعة القاهرة على المتظاهرين الخارجين من مسجد الاستقامة بالجيزة.. وكذلك إطلاق الرصاص والخرطوش على المتظاهرين على كوبرى قصر النيل، وسقط مصابون كُثُر بينهم مَن توفى.
.. لقد شهد العالم ذلك.
.. وشهد مبارك ذلك.
.. بل لأنه كان يعلم بإطلاق الرصاص على المتظاهرين.
.. لقد كان مبارك يريد أن تكون مصر عزبة خاصة له ولأسرته من بعده.
.. وقد كان يحتقر الشعب.
.. لقد أراد مبارك أن يؤكد كلمته التى أذاعها تليفزيونيا: «أنا أو الفوضى».. ولعل مساعديه وميليشياته الفاسدة عملت على ذلك وخططت له.. ولعل ما نعيشه الآن من فوضى وانفلات أمنى وانعدام الكفاءات نتيجة سيطرة مبارك واستبداده لمدة ٣٠ عاما.
.. فمبارك لم يقتل المتظاهرين فقط بل حاول أن يقتل مصر.