فوق فوق.. فوق خيال النيابة العامة أن يحيل المستشار يوسف السعيد، رئيس محكمة جنايات المنيا، أوراق 528 متهماً (بينهم 22 إخوان) إلى المفتى، عادة تطلب النيابة توقيع أقصى العقوبة، ولكن القرار جاء صادمًا. ممثل الادعاء خرج من المحكمة فاغرًا فاه، طلبات النيابة تصاغرت وتقازمت وتضاءلت أمام قرار الإحالة، ضرب من الخيال ما نطق به المستشار السعيد.
لابد أن تفيق النيابة من صدمتها سريعاً قبل فوات الأوان. هناك 683 متهما من الإخوان والتابعين آخرين يمثلون أمام مستشار الإعدامات فى قضية اقتحام قسم شرطة العدوة، لابد أن يتحرك المستشار هشام بركات، النائب العام، ليطعن باسم النيابة فى قرار إحالات (مطاى)، قبل صدور إحالات (العدوة)، قبل أن تصبح الإحالة إحالتين، أقصد المصيبة مصيبتين.
يا سيادة النائب العام لقد جاوز المستشارون المدى فى العقوبة، فحـقَّ الطعن أن يحمد، المستشارون بلغوا فى أحكامهم مبلغاً تعثر الآراء فيه، وعثرة الرأى تردٍ، إذن لابد من تحرك النيابة عاجلا ودون أى اعتبارات سوى العدالة، ألست محامى الشعب؟ لا نشكك فى القرار ولا فى المستشار، لكن لابد من تمتين الحكم بالطعن عليه قبل فوات المدة القانونية.
الطعن فى هذه القضية تحديدا لا يترك لدفاع المتهمين فقط، سيفعلونها بالضرورة، ولكن لابد من طعن النيابة، تحرك النيابة يعيد ذكرى دولة العدل والقانون، يخرس من فى قلبه مرض تسيس الأحكام، يضع نقاطاً بيضاء فوق حروف الحكم الشائهة، مسؤولية ضخمة على النائب العام هشام بركات، فليضطلع بمسؤوليته ولا يخشى فى العدالة لومة لائم، القضية ليست إخوان، القضية صون العدالة، ولا يصون العدالة سوى جرح الأحكام بطريقة قانونية، وليس بطريقة فيسبوكية.
طعن النيابة لازماً وحتمياً، أذكر أن نائب عام الإخوان، المستشار طلعت عبدالله، تكاسل عمدا عن الطعن فى براءة المتهمين فى «موقعة الجمل»، فسقط حق الطعن وصارت البراءات نهائية، أرجو ألا يتكرر هذا التكاسل القبيح المتعمد، وأن يتعجل نائب عام ثورة 30 يونيو حيثيات قرار محكمة جنايات المنيا بالإحالة، وليعلن استعداد النيابة العامة للطعن على الحكم من الآن.
صمت النائب العام وعدم الطعن على الحكم فى (مطاى) يغرى بقرار مماثل فى قضية (العدوة)، الأحكام لا تنقض إلكترونيا وفضائيا، ولن يغير من قرار القاضى تغريدات أو تويتات على الحوائط الفيسبوكية، ولن يغير من الأمر شيئا الاستخدام السياسى إخوانيا للإحالة إلى المفتى، الإخوان لا يهمهم إعدامات يهمهم المكايدة السياسية، معلوم أن القضاء الذى أحال إلى المفتى، أمس، هو من برأ العريان وإخوانه، أمس الأول، القضية أخطر.. ليست الإخوان.. بل العدالة على المحك، تحرك يا سيادة النائب العام.