تلقيت دعوة كريمة من قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، رئيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية، لحضور حفل توزيع جائزة قداسة البابا شنودة الثالث- طيب الله ذكراه- بقدر ما قدم لهذا الوطن والكنيسة القبطية المصرية ولكل المواطنين فى هذا البلد.
البابا شنودة الثالث-
العظيم بكل المعايير صاحب الجملة الرائعة «مصر ليست وطنا نعيش فيه.. وإنما مصر وطن يعيش فينا» والتى كنت من أوائل من تنبهوا لها، بل كتبت عنها مقالا خاصا، امتدت علاقتى مع قداسته لأكثر من أربعين عاما مليئة بالحميمية والمحبة، ولعل آخر عبارة نطق بها قداسته قبيل وفاته بساعات عبارة «لك محبتى» التى أشعر أنى أسمع صداها، وأحس بها كلما تذكرت قداسته، وما أكثر ما أتذكر قداسته!
حقيقة الدين محبة، وجوهر الدين كله وكل الأديان هو المحبة، وبغير المحبة لا دين ولا حياة.
هذا الاحتفال الذى دعيت إليه، وسعدت بحضوره كان مخصصا لتوزيع جائزة الحكمة التى يقدمها المركز الثقافى القبطى المصرى الأرثوذكسى والتى صارت هذا العام من نصيب عالمين مصريين كبيرين ملآ أسماع الدنيا، ولا يعرف بهما للأسف الشديد أحد فى مصر، رغم شدة حاجة مصر لمعرفتهما والاستفادة من خبرتهما.
أما العالمان الجليلان، فهما المهندس إبراهيم سمك، خبير الطاقة الشمسية والمهندس هانى عازر، خبير النقل. وفى الاحتفال أُلقيت كلمتان عن العالمين الكبيرين اللذين رغم معيشتهما فى ألمانيا وقدرهما وتقديرهما الكبير فيها مازالت مصر ملء قلوبهما وعقولهما، ومازال عشقهما لها يفوق كل عشق.
أما المهندس إبراهيم سمك، فهو خبير فى الطاقة الشمسية، وقد استطاع أن يخترع مصباحاً قادراً على إمداد الطاقة الشمسية من أى بقعة شمس وتحويلها إلى مصابيح تضىء، وتنير أحياء، بل مدنا كاملة، وقد تمت تجربة ذلك فى ألمانيا- دولة التقدم العلمى، وليس فى الصومال أو فى تشاد مثلا، مع اعتزازى بالصومال وتشاد وكل بلد أفريقى، بل كل مواطن فى العالم.
ونحن فى مصر نشتكى بصفة دائمة من انقطاع الكهرباء، ونتحدث- نتحدث فقط- منذ عدة سنين عن توليد الطاقة من الطاقة الشمسية، وقد نجحت كلية الهندسة فى جامعة القاهرة فى إقامة نموذج صغير لذلك فى فرع الكلية للدراسات العليا فى الشيخ زايد، والمسألة لم يعد فيها أسرار، ومع ذلك فما من بيت فى مصر كلها ريفها وحضرها إلا يشكو من انقطاع التيار الكهربائى أكثر من مرة فى النهار، مما أدى إلى أن أصبحت تجارة المولدات تجارة رابحة، وأسعارها فلكية لا يقدر عليها إلا قلة من المصريين. لماذا يقتصر الاحتفال بالعالم المصرى الجليل إبراهيم سمك على المركز القبطى الأرثوذكسى والكنيسة القبطية؟ لماذا لا تحتفل به مصر كلها؟ ولماذا لا يقابله رئيس مجلس الوزراء الوطنى المقاتل المهندس إبراهيم محلب، ويطلب منه العون فى التغلب على هذه المشكلة؟ وإبراهيم محلب مهندس لن يجوز عليه التهريج وإنما سيستطيع أن يعرف حقائق الأمور.
ليت المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، يقوم باستدعاء المهندس إبراهيم سمك، ويعرف منه، ثم يقرر الاستعانة به، كما استعانوا به فى ألمانيا نفسها. وأظن أن مصر أحق من ألمانيا.
أما العالم الثانى، فهو المهندس هانى عازر، خبير النقل العالمى، الذى أنشأ محطة مترو فى برلين، وهى من أكبر محطات المترو فى العالم. وأظن أن مشكلة المواصلات عندنا بلغت حدا يضيع معه أكثر من نصف وقت المصريين فى الطرقات والمواصلات العامة، ويصلون إلى عملهم منهكين لا يكادون يحسنون عملاً. إن أزمة المواصلات فى مصر أحاطت الجميع، وأرهقت الجميع- من يستعملون سيارات خاصة، ومن يستعملون وسائل النقل العام.
وهنا أكرر السؤال: لماذا لا يستدعى رئيس مجلس الوزراء الوطنى المقاتل المهندس إبراهيم محلب- المهندس هانى عازر الذى أنشأ، وأدار محطة مترو برلين للاستعانة به؟ وأظن أن الرجل مستعد لتلبية الطلب، لأن مصر تعيش فى قلبه ووجدانه أكثر من أى مكان آخر فى العالم.
خاطر خبيث خطر فى ذهنى، وقلت لعله هو الذى يحول دون الاستعانة بهذين العالمين الجليلين ذلك أن كليهما مسيحى. لو كان ذلك الخاطر له بعض الصحة، فإنه سيكون عاراً ووزراً علينا جميعاً. إن مصر بلد المواطنين جميعاً، المسيحى قبل المسلم. إننا جميعاً مواطنون من تراب هذا البلد، ونعشق هذا البلد.
أرجو أن أسمع فى الأسبوع القادم نبأ استدعاء المهندس إبراهيم محلب هذين المهندسين المصريين العظيمين للاستعانة بهما فى حل جزء من مشاكل مصر التى تراكمت، والتى لا بد من مواجهتها اليوم قبل الغد.
بل أقترح على المستشار الفاضل عدلى منصور، رئيس الجمهورية، أن يستدعيهما، ويقابلهما، ويكرمهما، ويطلب معونتهما فى التغلب على بعض مشاكل مصر التى تراكمت جيلاً بعد جيل.
والله المستعان.