ملفات ثلاثة كانت تؤرق الإخوان قبل ثورة 25يناير، وتمثل الخطوط الحمر داخل التنظيم ونقاط الضعف خارجه، هذه الملفات هي تمويل الجماعة، والتنظيم الدولي، والنظام الخاص، وعلى أساس موقف الأعضاء من هذه الملفات تكون مكانتهم في هيكل التنظيم.
ومن خلال هذا الموقف أيضا قام المهتمون بشأن الجماعة بتصنيف القيادات، فكان هناك حرس قديم وآخر جديد، محافظون وإصلاحيون، فالحرس القديم المحافظ حريص على إدارة الأموال بمعزل عن الرقابة المؤسسية للجماعة، في حين يطالب الإصلاحيون بضرورة الشفافية والرقابة على أموال الإخوان وعدم تمركزها في يد بضع من القيادات.
وكذا التنظيم الدولي للإخوان الذي تأسس عام 1982 على يد مصطفى مشهور ومهدي عاكف، وهما من قادة التيار المحافظ، وكان الجيل الجديد يقف ضده، وأعلنوا أن ضرره في استفزاز الحكومات أكبر بكثير من نفعه السياسي والمالي والتنظيمي.
أما النظام الخاص فقد حرص قيادات الإخوان شيوخا وشبابا على التأكيد أنه انتهى تماما، لكن ما لم يتفقوا فيه هو رؤية وأفكار النظام الخاص، فخطورة النظام الخاص لم تتمثل بأفراد انتهجوا العنف والتصفية الجسدية لمن خالفهم فقط ، لكن الخطورة في الرؤية الفكرية له، وهذه الرؤية استطاعت السيطرة على قيادة الجماعة وتغلغلت في كوادرها عبر برنامج التربية والتثقيف.
وهذه الرؤية تقوم على منهج بناء تنظيم قوي، وتبني «الدعوة» لامتلاك قوة التمكين، وترفض العمل مع الحركات السياسية في المجتمع، وتقف ضد المشاركة السياسية الواسعة التي تبناها جيل السبعينيات، أو ما اصطلح على تسميته الجيل الوسيط وعلى رأسهم قيادات كعبدالمنعم أبوالفتوح وأبوالعلا ماضي وعصام العريان وحلمي الجزار.
لكن المتغير الأهم جاء بانتشار رؤية النظام الخاص بين الجيل الوسيط، وأنتج ما يمكن تسميته «المحافظين الجدد»، هؤلاء من الجيل الوسيط عمرا، لكنهم تبنوا رؤية المحافظين فجمعوا بين المشاركة السياسية ولكن برؤية وأفكار شيوخ التنظيم، وفي مقدمتهم خيرت الشاطر ورجاله محمد مرسي وسعد الكتاتني وسعد الحسيني وآخرون ممن احتلوا الصدارة أثناء حكم الإخوان.
هكذا تحولت مقولة الإصلاحيين داخل الجماعة إلى خرافة كبرى، فعصام العريان تحول لصاحب أسوأ تصريحات سياسية، وحلمي الجزار عاد وبرز بعد اختفائه أثناء حكم المحافظين الجدد، بل إن قادة الوسط الذين تركوا الإخوان اعتراضا على نهجهم، هم من تولوا مهمة الدفاع وتبرير أخطاء الإخوان في السلطة، ليبدو أن الخلاف لم يكن في الرؤية وإنما في سياسة التحرك.
والقيادة الإصلاحية التاريخية للجماعة على مستوى الحركة متمثلة في الدكتور عبدالنعم أبوالفتوح، وعلى مستوى الفكر متمثلة في الدكتور محمد سليم العوا سقطت بعد سقوط الإخوان، فهما يدافعان عن مجموعة أرادت سرقة مصر لصالح رؤية رفضاها هما سابقا وتمردا عليها، وإن كان ما تردد عن لقاء العوا بقيادات التنظيم الدولي بالخارج صحيحا! فهي الضربة القاضية لتيار الإصلاحيين الوهمي.
ولولا نفر من الشخصيات أمثال كمال الهلباوي، السيد عبدالستار المليجي، أحمد بان، الخرباوي، وسامح عيد ومن انتهج نهجهم لكان الإسلاميون في الانتماء لأفكار الشيطان سواء.