كيف يمر مرور الكرام ما صرح به وزير الخارجية نبيل فهمى بأن الولايات المتحدة قد احتجزت طائرات «الأباتشى» المصرية التى أرسلت إليها للصيانة، للضغط على مصر لإشراك الإخوان فى العملية السياسية؟! هل هذا معقول، وهل هو مقبول فى العلاقات الدولية؟
لقد تناقلت وكالات الأنباء فى الأيام الأخيرة أخباراً من واشنطن تقول إن مصر طلبت طائرات مروحية عسكرية من طراز «أباتشى»، لكن الإدارة الأمريكية لم تلب الطلب المصرى، بينما الحقيقة أن الصفقة التى أوقفتها واشنطن هى تلك التى أعلنتها فى أكتوبر الماضى، احتجاجاً على إسقاط حكومة الإخوان، ومنذ ذلك الوقت لم تتقدم مصر بطلبات جديدة حتى يتم رفضها.
ثم يتضح، حسبما كشف عنه وزير الخارجية، أن ما طالبت به مصر لا يتعلق بأى صفقات عسكرية جديدة، وإنما بالمروحيات التى ذهبت للصيانة ولم تعد، وهو ما دعا مصر لعدم إرسال أى طائرات للصيانة فى الولايات المتحدة بعد ذلك.
يأتى هذا فى الوقت الذى لا تكف فيه الولايات المتحدة عن اتهام روسيا بالقرصنة بسبب تدخلها فى جزيرة القرم، وبخرق قواعد التعامل الدولى، فهل ما فعلته واشنطن مع مصر له وصف آخر غير القرصنة؟
كما يأتى التصرف الأمريكى فى الوقت الذى تؤكد فيه ليل نهار أنها ليست منحازة إلى الإخوان المسلمين، وأن كل ما تريده فى مصر هو أن تشارك جميع القوى فى العملية السياسية، ولست أعرف ما علاقة هذه الرغبة الأمريكية باحتجاز طائرات مملوكة للقوات المسلحة المصرية ذهبت إليها للصيانة؟
ثم إذا كانت هذه الرغبة الأمريكية صادقة فلماذا لا تتحدث بشأنها مع الإخوان أنفسهم، الذين يرفضون المشاركة فى العمل السياسى بعد أن اختاروا العمل فى الشارع بالعنف والإرهاب ضد المواطنين الآمنين؟
إن الولايات المتحدة بدلاً من أن تمارس ضغوطها على من يرفضون العمل السياسى قررت أن تشارك معهم فى الضغط على مصر سياسياً جنباً إلى جنب مع الضغط الأمنى الذى تمارسه هذه القوى التى أسقطها الشعب عن الحكم والتى يزداد رفضه لها مع كل عملية إرهابية جديدة يرتكبونها.
إن القرصنة التى مارستها الولايات المتحدة مع مصر باحتجازها الطائرات المملوكة للقوات المسلحة لن تؤدى إلى تحقيق تلك الرغبة الأمريكية «النبيلة»، وإنما هى حماقة جديدة تضاف لسجل الحماقات الأمريكية التى تتوالى منذ قيام الثورة عام 2011، والتى تسىء إليها بشكل متزايد، بينما تبدو قوى دولية أخرى جاهزة بالدعم الذى تحتاجه مصر، وبالسلاح الذى تطلبه.