هكذا يجب أن يكون الاحتفال بالأم، عامًا كاملاً، حتى يكون لدينا من الوقت ما يكفي لتكريمها وتقديرها. فمن الصعب الاكتفاء بيوم واحد للاحتفال أو لإظهار تقديرنا لما تقدمه لنا أمهاتنا، بل يجب أن يستمر طوال أيام السنة. وبالفعل، فهل هناك أغلى من الأم؟ فالأم هي التي كرمها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، وذكر أنها سبب في الوجود، فقال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ»، كما وصفها الرسول صلَّى الله عليه وسلم بأن تكون أولى الناس بحسن الصحبة وفي مقدمة على الأب، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك.
فيوم واحد لا يكفي لشكر الأم المعيلة التي تتكفل بنفقة أسرة كاملة من رعاية لأطفالها وتحمّل تكاليف المعيشة الباهظة من مأكل ومسكن وتعليم ورعاية صحية، لسبب وفاة الزوج أو تخليه عن المسؤولية كاملة للأم لتتحملها وحدها، ومنهن الأمهات الغارمات اللاتي واجهن ظروفًا صعبة وقاسية، لعدم قدرتهن على سداد ديونهن فتعرضن لعقوبة الحبس.
يوم واحد لا يكفي لتقديم الشكر والعرفان بالجميل لأم الشهيد، فهي تعتبر النموذج المثالي للتضحية، فبعد أن أنجبت وسهرت الليالي، تجدها قوية ومتماسكة ومؤمنة إيمانًا شديدًا بأن ابنها أو ابنتها كانوا فداء للوطن الكبير من أجل أن ينعم كل فرد فينا بوطن حر ومستقبل أفضل.
يوم واحد لا يكفي، لتقديم خالص الاحترام للجيل الصاعد من الأمهات العاملات اللاتي يحرصن على أن يكون لهن دور إيجابي ليس فقط من خلال تربية أبنائهن ولكن من خلال نجاحهن في الحياة العملية ومشاركتهن في صناعة وطن أفضل. فتحية لجهدهن في المثابرة لإثبات دورهن في عملهن وجهدهن في تحقيق التوازن بين متطلبات عملهن ومواجهة صعوبات الحياة اليومية وبيوتهن وعدم التقصير في حق أولادهن.
و أخيراً، يوم واحد لا يكفي لتقديم الشكر لأمي، وأمي تعني لي الحياة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ جميلة ودافئة. لا يكفي أبداً أن أرد إليها الجميل وأقدم لها شكري في يوم، ولكن على الأقل في 365 يومًا. أمي هي التي تجري الجنة من تحت قدميها لما بذلته من جهد وتعب لغرس القيم والمبادئ بداخلي، هي من كانت ومازالت تقودني وتشجعني دومًا لتحقيق طموحاتي وإعطائي القوة للتغلب على الصعاب، فأنا أُدين لها بالكثير ولا يكفي العمر كله لتسديد جزء من هذا الدَّين.