ايجى ميديا

الجمعة , 1 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

سوريا ليست محض مأساة.. هذه معركتنا

-  

مع بداية السنة الرابعة للثورة السورية لا يمكن لهذا الجيل سوى أن ينظر أمامه فقط.. وأن يكمل ما بدأه، الماضي مرعب.. مرعب للغاية ومأساوي.. وأكثر ما فيه مأساوية: اللاشيء.. نحن لا شيء.. نحن خارج التاريخ، نحن لم نقدم شيئا ولم نفعل شيئا.. خسرنا كل معاركنا في مائة عام ونيف.. وأكثر ما يخيفني شخصيا أن نبقى هكذا مائة عام أخرى: لا شيء!.

الثورة السورية هي النموذج المكبّر والأعمق والأكثر راديكالية لما يسمى الربيع العربي، لا لشيء سوى لأنها أبرزت- بكل الدماء المسفوحة وحالة اللا حسم واللا انتصار- حجم التعقيد والخذلان والتشابك الذي يخيط كل قضايانا التحررية والتنموية والفكرية في نسيج معركة واحدة. معركة طويلة ومؤلمة وباهظة التكاليف، لكنها لا بديل عنها، وكل محاولة لتجميلها هي محاولة لا تأجيل ما لا يؤجل.

(1)

الثورة السورية هي الحالة المصرية بامتياز حين تؤخذ إلى نهاية المطاف، وهي أيضا الحالة التونسية، والبحرينية وغيرها، قدر الشعب السوري أن يجسّد الحالة التي يمكن أن تبين بوضوح حجم المعسكر الديمقراطي التقدمي في الداخل العربي، وفي المقابل منه حجم المعسكر اللا ديمقراطي بكل تنوعاته الإسلاموية واليسارية والقومية والأجهزاتية والدولتية .. هي حالة أيضا تبين مدى تعقد المعركة وتشابكها في ظل فقر فكري ديمقراطي مدقع يعيش فيه حتى أبناء المعسكر الديمقراطي ذاته، ونحن في ذلك الفقر عاجزون عن تصدير خطاب تقدمي متماسك، لا جهوي لا طائفي لا ديني، يمكن أن يكون مقنعا للجماهير الحائرة اللاهثة وراء محاولة للفهم والعيش والأمن.

هذه هي أم المعارك؛ معركة الخطاب والتجديد الفكري. ما هي الحرب إن لم تكن تصدير حقيقةٍ ما (حتى لو لم تكن حقيقة) والإمساك بوسائل للإقناع كما كان ميشيل فوكو يتحدث دائما؟ إن شعوب هذه المنطقة من العالم لاتزال تراوح مكانها منذ ما يقرب المائة وخمسين عاماً في ذات (الزمكان) الخطابي الفكري إثر محاولات نصف تنويرية غير مكتملة في مطلع القرن العشرين، ومحاولات تحديث سلطوية فاشلة في منتصفه .. وهاهو القرن الحادي والعشرين يعيد طرح نفس الأسئلة مجدداً وتُدفع الشعوب في سبيل الإجابات إلى الطرق الأصعب التي لا بديل عنها: التجربة!

حالة اللا حسم نفسها كما تعبّر عن نفسها صارخة في سوريا، أو متوارية في مصر وتونس، تنطوي في حد ذاتها على قدر من الأمل، إذ مُذ ثلث قرنٍ مضى تطلع بعض شعوب منطقتنا المنكوبة لحريته وعدالة اجتماعية تضمه، فكان الحسم من نصيب الأكثر تطرفا، ها هي إيران ماثلة أمامنا تحكي لنا الفرق بين أجيال نصف القرن العشرين، وأجيال القرن الحادي والعشرين، في ثورات متشابهة متشابكة لا يمكن فصل اتصالها.

(2)

سوريا أيضا أكثر الحالات تعبيرا عنا جميعا، لأنها بينت لنا عمليا أن أحاديث الحفاظ على الدولة ليست سوى قفازات يرتديها بهلوانات السلطة لإخفاء الرغبة الحميمة في الإمساك بتلابيب الحكم وضمان عدم مغادرته حتى لو حرقت البلاد والعباد.. سوريا المحتلة أرضها، والتي تملك كل أسباب وخيارات المقاومة، وهي بالتالي النموذج الصارخ لكل هذا الحديث المتلون عن «آخر عمود في الخيمة» يتكشف لنا أن كل ذاك ليس سوى علكة ماسخة الطعم والرائحة، سيتم التضحية بها في أتون المعركة حين يجد الجد. وتبدأ السلطة في التسرب من أيدي من أدمنوها وأنظمة فاشلة منحطة لم تعرف الرحيل ولا تريده.

الثورة السورية هي التعبير الأعمق كذلك لأنها تعيد طرح كل الأسئلة التي تم القفز فوقها عن حقيقة الدولة القومية في هذه المنطقة من العالم، وعن إمكانية العيش والتعايش وفق حدود رسمتها سايكس بيكو، وعن الثمن الذي ندفعه نتيجة وأد تطور أساليب إدارة الخلاف ديمقراطيا تحت وطأة القمع السلطوي، بل وربما نتيجة حروب أهلية مؤجلة أو غير مكتملة، كنا ندفع ثمنها ألف ألف مرة في هزائم مستفحلة سياسية واقتصادية قادتها إلينا أنظمة الطواغيت (إما أنا أو الفوضى).

(3)

الثورة السورية هي التعبير الأفضل عنا جميعا لأننا في حالة حرب، ليس ضد الأنظمة فقط، وليس ضد إفرازاتها فقط كداعش والنصرة وأغلب إسلاميي مصر ومثقفيها الدولتيين (العلمانيين)، لكنها أيضا حالة حرب ضد علاقات الهيمنة الأبوية السلطوية، وهي حالة حرب ضد اختلال الموازين ضد الفقراء والأكثر عوزا وضد الاقتصادي المافياوي الذي تديره عائلات السلطة.. الفشل الذي منيت به الثورة السورية حتى الآن في إثبات انحيازها للفقراء، وفي إثبات أن المعارضة ليست محض سلطة مافياوية جديدة.

الثورة السورية إذن هي تضخيم ما نراه صغيرا في تونس، ومتوسطا في مصر، ومجهضا في البحرين، هي التعبير الأشمل عنا جميعا، وقد كتب الله على شعبها أن يدفعوا من دمائهم وأرواحهم الثمن الأغلى وهو ثمن يُدفع نيابة عن العرب أجمعين.

لكل هذا وأكثر، يكون الحديث عن أن ثورة سوريا كانت مغامرة لا محسوبة، أو الأحاديث التي ظهرت من بعض «المفكرين» العرب (المُحتفى بهم بالمناسبة) في مطلعها عن أن النظام السوري يحتاج للإصلاح وليس للإسقاط، قبل أن يراجعوا مواقفهم وينحازوا للسلطة أو للثورة، كل هذا الحديث- وأصدائه المشابهة في مصر وتونس- محض حنين للعبودية، وهو في كل أشكاله متوقع؛ إذ يصدر عن حالة من الوهن والخذلان والرغبة في الموت المستريح (الجبان) هربا من المعارك التي لا مفر من مواجهتها.

في مارس من كل عام نرفع الكفوف وندعو: اللهم دلّنا على الطريق.

التعليقات