أرسل الدكتور يحيى نور الدين طراف الرسالة التالية إلى «صوت وصورة»:
لا شك أن عودة الاحتفال بعيد الفن بعد انقطاع دام ثلاثاً وثلاثين سنة هى اعتراف وتقدير من الدولة لدور الفن المصرى على مر السنين فى بعث واستنهاض همم الشعب المصرى، وهو تكريم لفنانى مصر الذين ما انفكوا يشكلون قوة مصر الناعمة، ومفتاح شخصيتها فى العالم العربى حولها.
لكن جانب الصواب - فى رأيى - اختيار يوم مولد الموسيقار محمد عبدالوهاب (13 مارس) يوماً للاحتفال بعيد الفن. لا شك أن عبدالوهاب هو موسيقار الجيل وكل الأجيال، وهو القمة الشمّاء للفن المصرى فى الغناء والتلحين، لذا كان حرياً الاحتفال يوم مولده به هو وبإنجازاته وعطائه المتفرد، وهو ما درجت عليه الأمة وسائر الأمم فى تكريم أعلامها فى مختلف المجالات، سواء فى ذكرى ميلادهم أو رحيلهم، لكن اعتبار يوم مولد شخصية ما، مهما علت وتركت دوياً فى الدنيا، عيداً سنوياً لفئة هذه الشخصية المبدعة لهو خلط بين الشخص والقيمة التى يمثلها، أو قل «شخصنة» للقيم المطلقة فى المجتمع.
فمثلاً تحتفل كل دولة بعيدها القومى من كل عام، وغالباً ما تختار الدولة يوماً تراه فارقاً فى تاريخها وعلامة فى نضالها الوطنى، وذلك ليكون عيداً لها، وليس عيد ميلاد الملك أو الرئيس، الذى يمكن أن تحتفل به أيضاً، لكن بهذا الاعتبار، وليس باعتباره العيد القومى للوطن، فمن غير المقبول اختزال الوطن فى شخص ملك أو رئيس أو زعيم، مهما عظم، ونفس الأمر ينطبق على سائر الأعياد، مثل عيد العلم وعيد الفلاح وعيد النصر وعيد الشرطة وغيرها، كلها أعياد اختيرت أيامها من وحى كفاح فئاتها، وليس أعياد ميلاد رجالاتها والذين يكرمون ويذكرون خلال يوم الاحتفال.
كان حرياً بالدولة فصل عيد الفن المصرى عن عيد ميلاد الموسيقار محمد عبدالوهاب، ولو كان عبدالوهاب حياً بيننا اليوم وسُئل فى ذلك، لرفض هذا الخلط، وهذا يجرنا لتساؤلات أخرى: لماذا عبدالوهاب بالذات مع كل التقدير والاحترام له، وليس أم كلثوم مثلاً أو سيد درويش، أو المثَّال محمود مختار؟! كان الأفضل اختيار يوم من أيام الفن المصرى ليكون عيداً للاحتفال به من كل عام، ونحتفل يوم ميلاد عبدالوهاب بفن عبدالوهاب.
* نؤيد رأى الدكتور طراف، ونضيف أن القول بعودة عيد الفن بعد توقف دام 33 عاماً تعبير جديد عن السيولة الفكرية التى نعانى منها فى مرحلة الانتقال بعد الثورتين، فلا يوجد فى العالم عيد يسمى «الفن»، وإنما عيد للموسيقى وآخر للأدب وثالث للسينما.. وهكذا. ومن ناحية أخرى يبدو الأمر وكأن الدولة فى مصر توقفت عن تكريم الفنانين طوال 33 عاماً، وهذا غير صحيح على الإطلاق.