هذا المقال الذى حمل عنوان «بعد الاستفتاء مصر تحتاج حكومة جديدة» وقد نشرته للمرة الأولى بتاريخ 12 يناير الماضى، أُعيد اليوم نشره بعد استقالة حكومة الببلاوى لأذكِّر الجميع بأنهم أصحاب القرارات البطيئة والمتأخرة.
(مفهوم طبعًا أن الرئيس عدلى منصور لا يتخذ قرارات إلا بمنهج القاضى الجليل الذى يحتّم على نفسه التمهل الذى هو بطء فى عالم السياسة والحُكم. نعرف كما يعرف المستشار منصور أن العدالة بطيئة فى مصر، وبينما نطمح جميعا للعدالة الناجزة فالأَوْلى أن نطلب السياسة الناجزة مطلبًا ملحًّا ومحتومًا.
لماذا أقول هذا الكلام؟
لأننا مطالَبون بالتفكير فى ما بعد الاستفتاء على الدستور. ما يملكه الرئيس منصور لهذه المرحلة التى تبدأ الأسبوع القادم هو الإعلان عن أن الانتخابات الرئاسية أولًا، وسيعتبر الرئيس هذا القرار كافيًا كى يرفع يده عن أى خطوات تالية حتى يأتيه الرئيس المنتخب فيسلّمه الأمانة ويعود إلى محكمته العليا.
لكن هنا يكمن الخطر!
الانتخابات الرئاسية تستغرق ثلاثة أشهر، فالمستشار منصور لن يكثّف مراحلها ولن يختصر أوقاتها للحد الأدنى ولا يبدو عليه استعجاله لأى خطوة، فقراراته مشوبة دائما بإغفال مذهل لعامل الوقت، كأننا بلد لا يعانى مطًّا وتطويلًا يخرب مرحلتها الانتقالية.
هذه الأشهر الثلاثة خلال حملة رئاسية تستدعى حكومة جديدة غير تلك الحكومة المرتبكة العشوائية التى تمثل عبئًا إضافيا على مصر.
لا أظن أن أحدًا يمارِى فى هذه الحقيقة.. أن البلد يحتاج إلى حكومة جديدة تبدد هذه الروح الفاشلة التى سيطرت على حكومة الببلاوى التى جاءتنا بوزراء صُدفة ووزراء فَشَلَة، وفرضتها ظروف مختلطة متوترة وتوقيت ضيق ومتعجل.
لكن السؤال: متى تتشكل هذه الحكومة الجديدة؟
سيقول البعض: لِنَنْتظر الرئيس المنتخب، حيث يصبح طبيعيا أن يختار رئيس وزرائه الذى يتعامل ويتعاون معه، وهذا كلام منطقى طبعا..
وسيقول البعض الآخر: بل لِنَنْتظر الانتخابات البرلمانية، حيث إن الحكومة طبقًا للدستور الجديد لا بد أن تحظى بثقة البرلمان، وهو ما يستدعِى إرجاء تشكيل الحكومة حتى ينعقد البرلمان ويمنح ثقته لها أو حتى يسحبها منها، وهذا منطقى أيضا.
لكن لا هذا ولا ذاك ينتبه إلى أن ما نتحدث عنها هى حكومة الببلاوى وليست حكومة ثابتة قوية ناجحة يرضى عنها الشعب ويحترمها الجميع.
بل العكس هى حكومة ليست على مستوى المهام الجسام التى يتطلبها بلدنا الآن ورئيسه وأعضاء بها، على الرغم من مكانتهم الشخصية العالية فإنهم بلا حول ولا قوة ولا سند شعبى ولا مُنجَز حقيقى، وكل ما فعلوه فى الأشهر الستة الماضية قرارات متأخرة وبطيئة ومترددة وغير مكتملة وعشوائية ومرتبكة وبلا مبادرة أو مبادأة، فضلا عن أنها لا تحظى بشعبية أو ثقة أو مصداقية عند المواطنين.
خطورة استمرار هذه الحكومة خلال الانتخابات الرئاسية أو ما بعدها أننا نفقد معها وقتًا مهمًّا ومصيريًّا، وأداؤها يُفسِد على أى مرشح ينتمى إلى «ثلاثين يونيو» مشواره ويشكِّل عقبة ثقيلة أمامه، ولا يمكن لأسلوبها البارد العشوائى البطىء المنعزل عن الجماهير المرتبك المتردد الذى نعانى منه حاليا أن ينقذنا من بلاء جماعة إرهابية أو مخاطر اقتصادية أو تربّص دولىّ.
من لحظة إعلان نتيجة الاستفتاء لن يكون لدينا وقت لنضيّعه مع هذه الحكومة..
وأرجو أن لا ينظر المستشار عدلى منصور فى ملف هذه القضية طويلا، فالحكم المتأخر أشقُّ علينا من الحكم الظالم.
الببلاوى + ثلاثة أشهر أخرى يعنى تدهورًا لا تطورًا، تأخُّرًا لا تقدُّمًا، إحباطًا لا أملًا. أما الببلاوى + سبعة أشهر أخرى فإنه الكابوس يا عزيزى).