تظاهر المئات من عناصر الإخوان كما هى العادة يوم الجمعة الماضى، دون الاهتمام بوجود ظهير شعبى من عدمه، وبصرف النظر عما إذا كان الأهالى يشتبكون مع مظاهرات الإخوان أم لا، فكل ذلك لا يهم، لأن الجماعة ليست قضيتها الشعب المصرى الذى لم تره حين كانت فى السلطة أو المعارضة، إنما قضيتها الوحيدة هى الجماعة وتمكينها من السلطة.
إن مشكلة الإخوان مع المجتمع المصرى لم تكن مجرد خلاف مع تيار حزبى أو سياسى وصل للسلطة وعارضه الناس، إنما مع جماعة سرية منغلقة على أعضائها ومنفصلة عن المجتمع والدولة معا.
ولعل هذا ما جعل بعض عناصر الجماعة يتظاهرون فى إحدى محافظات مصر وهم حاملون لعلم مصرى جديد، لم يجرؤ أحد على المساس بعلم البلاد إلا الجماعة حين وضعوا علامة رابعة محل صقر قريش، واللون الأصفر محل اللون الأبيض ليلفقوا علما جديدا لوطن آخر غير مصر التى لم يعرفوها.
رد فعل قادة الجماعة تجاه ما يجرى فى مصر ليس مجرد رد فعل فصيل يشعر بالظلم والاضطهاد، إنما هو رد فعل طائفة أو جماعة تُخرج نفسها كل يوم عن النسيج الوطنى، والمجتمع الذى باتت تكرهه وتشتمه كل يوم.
حجم الشماتة التى أبداها قادة الإخوان وبعض شبابهم تجاه الاعتداء الإجرامى الذى أسفر عن استشهاد 6 جنود من أبناء القوات المسلحة حتى وصفه أحدهم قائلا: «تسلم الأيادى اللى بتقتل الأعادى»، فهل هناك خيانة أكثر من ذلك، هل هذا الكائن عديم الخلق والدين، الذى يتحدث عن أبناء وطنه بهذه الطريقة، يستحق أصلا أن يكون مصريا؟ ولماذا لم يعبر أى من التيارات السياسية المعارضة للمسار الحالى بنفس الطريقة التى تحمل درجة غير مسبوقة من الكراهية والشماتة وتشجع على الإرهاب والقتل؟ ولماذا فقط الجماعة دون غيرها هى التى تعيش فى أزمة مع المجتمع والدولة منذ 85 عاما.
مشكلة الجماعة مع الشعب المصرى لم تكن مشكلة مع تيار حزبى أو سياسى وصل للسلطة وعارضه الناس، إنما هى جماعة سرية منغلقة، ربّت أعضاءها على عزلة شعورية (تعبير سيد قطب) تجاه المجتمع، والاستضعاف فى مواجهة السلطة والمجتمع حين تكون فى المعارضة، والاستعلاء والتمكين حين تصل للسلطة.
إن جرائم كثير من أعضاء الإخوان اليومية وشماتتهم البغيضة فى كل نقطة دم تسيل ليست هى موقف عموم الشعب المصرى الذى لا يقبل بسقوط ضحايا مهما كان انتماؤهم، فما يقوم به الإخوان حاليا من أفعال يدل على حجم الانفصال الوجدانى عن عموم الشعب المصرى، نتيجة الخلل فى صيغة الجماعة نفسها وفى بنيتها العقائدية والتنظيمية وطريقة تربيتها لأعضائها، فهناك العلم الإخوانى فى مواجهة علم الدولة، وهناك كيان إخوانى خدمى فى مواجهة خدمات الدولة (شبه الغائبة فى كثير من الأحيان)، وعزلة شعورية تضع عضو الإخوان فى بوتقة منفصلة عن المجتمع، فى مواجهة وطنية مصرية تلقائية لم ولن يتخلى عنها الشعب المصرى.
علينا ألا نندهش من جرعة الكراهية التى يخرجها قادة الإخوان وبعض شبابهم تجاه الشعب المصرى كل يوم، فهم اختاروا أن يكونوا فى هذه العزلة الشعورية عن المجتمع، وفى نفس الوقت يطالبون الناس بألا تلفظهم وتكره أفعالهم، لأنهم لم يتعلموا شيئا واحدا من تاريخ ممتد من الفشل منذ تأسيسهم عام 1928 وحتى الآن.