كانت رحلتي الأخيرة من القاهرة إلى برلين، هدفها التغطية الصحفية لفعاليات بورصة السياحة الأهم على مستوى العالم، وهناك تستطيع أن تكتشف كيف أطاحت السياسة بأمل صناع السياحة من المصريين.
البداية كانت صدور نصائح سفر من جانب الخارجية الألمانية بعدم السفر إلى منطقة شرم الشيخ وعلى أثر ذلك غادر مصر عدد كبير من السائحين الألمان، ثم لحق بقطار المغادرة 14 دولة أخرى دون تشاور مع الجانب المصري على الأقل بحسب ما يقضي بذلك ميثاق منظمة السياحة العالمية.
وذهب الوفد الرسمي إلى برلين، قادما من المربع رقم صفر طالبا من جديد رفع نصائح السفر، وإرسال خبراء أمنيين للتأكد من إجراءات الأمن في مصر، ومدى ما تتمتع به المنتجعات السياحية من تأمين.
الواقع الذي رأيته يؤكد أن الجمهور يرغب في زيارة المقاصد السياحية المصرية، خاصة مع انخفاض أسعار الإقامة، لكن حينما يتعلق الأمر بحالة الأمن فإن هناك تشددا من جانب الخارجية الألمانية وتصدر نصائح بعدم السفر، وكان من الواضح أن رد فعل ألمانيا لا يعبر عن موقف سياسي تجاه مصر بعد ثورة 30 يونيو، بقدر ما يعبر عن خوفها على مواطنيها.
والحقيقة التي يعلمها صناع السياحة والحكومة تؤكد أنه لا صناعة سياحة دون أمن واستقرار، وأن الخطاب السياسي والإعلامي، بقدر أهمية كليهما، لا يوفر الأمن الذي هو النقطة الوحيدة التي تستطيع حسم المعركة، وما دون ذلك تظل محاولات تفقد تأثيرها بعد فترة محدودة.
كذلك السائح نفسه الذي يعشق مصر لن يأتي إليها إذا ما تكررت أحداث العنف، فهو نفسه يأتي إلى المقاصد السياحية طلبا للراحة والهدوء، والحل الوحيد لأزمة صناعة السياحة في مصر، هو استعادة الأمن بشكل حقيقي يشعر به السائح، دون أن يكون مجرد كلمة يتم ترديدها في المؤتمرات الصحفية، والواقع أن بث الفيديو الأخير لجماعة بيت المقدس كفيل وحده بإيقاف حركة السياحة حتى البسيطة التي تأتى المقاصد السياحية.
لقد أصبحنا كل يوم نبحث عن صيغة جديدة لمخاطبة «منظمي الرحلات» والسائحين. يجب علينا أن نكون واضحين مع أنفسنا وأن نعالج أزمة الأمن بشكل منهجي وقاطع، ولا نجعل خططنا مجرد تصريحات صحفية للاستهلاك الدولي ثم المحلى.
عزيزتي «الحكومة»، نحن في حاجة للشعور بالأمن على الأرض، نعم إنها المعركة الأخيرة من أجل إنقاذ صناعة الأمل وخروجها من غرفة الإنعاش.