سنوات طوال بات النوبيون فيها ينادون يصرخون يحلمون بأي حراك يخطو بقضيتهم المتوارثة عبر الأجيال وخلال الأنظمة المتعاقبة إلى الأمام، ولو لبضعة سنتيمترات، فجاءت لحظات التهجير المريرة التي راح ضحيتها أطفال وشيوخ ونساء، وبدأ الحزن يرتسم الوجوه، وبين الوعود والآمال جاءت الآلام في كل مرة من الأنظمة المختلفة والتي تخفي الحقيقة في كل مرة بأسباب مختلفة ومختلَقَة ووعود بجنة للنوبيين على الأرض، قالها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وخطوات لم تتحقق من الرئيس الراحل أنور السادات، والهاجس الأمني في نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وأخيرا إهانات ووعود كاذبة هدفها تمرير الانتخابات في عهد الرئيس السابق محمد مرسي. ومرت لحظات فارقة في تاريخ النوبة بل في تاريخ مصر بأكملها تتخللها الشكوك من النوبيين منذ التهجير وحتى انتهاء حُكم الإخوان، فعاد حُلم النوبة ليستيقظ عليه النوبيون عندما تم تمثيل الأديب حجاج أدول، في لجنة الخمسين، وتباينت ردود أفعال مختلفة بين الانسحاب والاستمرار بين المسؤولية والتخوف من تهميش دور النوبة والتراجع عن مواد النوبة في الدستور، تردد ممثل النوبة في عدة مرات لكبر حجم المسؤولية التي على عاتقه، فعندما كانت تتأزم الأمور داخل اللجنة وتراوده الشكوك في تنفيذ وعود مواد النوبة والاعتراف بها في الدستور يتراجع ويعلن الانسحاب وتجميد عضويته، ثم تعود بارقة الأمل مرة أخرى عندما يتم إقرار المواد الخاصة بالنوبة في الدستور.
وحانت اللحظة الفارقة والمرتقبة بعد سنوات عذاب وحلم ضائع بين الأنظمة المتعاقبة تخللتها آهات النوبيين أمام الإعلام المكتوب والمرئي، وانتهت لإدراج مواد النوبة في الدستور والاعتراف بالعودة النوبية، وقتها تنفس «النوبيون» الصعداء بعدما تبينوا أن مستقبل مصر يُرسم بهم بألوان زاهية.
وجاءت لحظة ثانية انتهت باعتراف وزارة التربية والتعليم بأهمية الحضارة النوبية بعد عدة مقترحات للأنظمة المتعاقبة التي استطاعت أن تجعلهم في ثُبات عميق كأهل الكهف لعدد من السنين، وظهر التاريخ النوبي للنور بعدما تقرر إدراج أجزاء من الحضارة النوبية في المناهج الدراسية المصرية.
واللحظة الثالثة عندما قررت وزارة الشباب عقد بروتوكول تعاون بينها وبين النادي النوبي، وانتهت إلى عدة قرارات في صالح نوبيي أسوان، بل استضافة مائتين منهم إلى القاهرة لمدة خمسة أيام بهدف الاستماع إليهم وتقديم مقترحاتهم والحلول المقترحة بشأنها واختتموا زيارتهم بالمفاجأة التي أعدتها لهم «الشباب» وهي زيارة الدكتور حازم الببلاوي، رئيس مجلس الوزراء، والعقيد أركان حرب أحمد محمد علي، المتحدث الرسمي للقوات المسلحة، والاستماع لهم ومناقشة مشكلات النوبة من خلال شبابها، والذي وعدهم بأن النوبيين سيجنون ثمار مرارة الانتظار منذ سنوات.
وفرحت لنوبتي ما أكثر لحظاتك التي أصبحت بها في بؤرة الأحداث، وها نحن الآن نعيش على أمل انتظار الفارس القادم لمصر الذي سيحقق للنوبة طموحاتها بل للمصريين جميعا والذي تسترد النوبة معه عودتها المرتقبة منذ سنوات عجاف، بين آلام التهجير وآمال العودة، وحان السؤال هل بعد استقرار البلاد والانتهاء من الدستور والانتخابات البرلمانية وتليها الرئاسية له ستكثٌر لحظات «النوبة» السعيدة؟ وعلينا أن نتساءل هل آن للنوبة أن تستريح؟ أم ستعود سنوات الحُلم الضائع مرة أخرى بين آلام وآمال؟