تلقيت من الأستاذ عيسى فتحى رسالة فيها معنى. قال عن نفسه إنه اقتصادى. قال فيما كتب: دعنى أستعِرْ تعبيرك «الشعبوية سوف تهدم مصر» الوارد بعمودك المؤرخ 13/3/2014 بـ«المصرى اليوم».
من النماذج التى تجسد هذه العبارة الواقعية أسطورة «الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور». نموذج للحق الذى يروّج للباطل. يستهدف به تحقيق العدالة الاجتماعية. الغرض الخبيث هدم الدولة المصرية. من روّجوا لهذه الأسطورة يعلمون أن الدولة لا تستطيع تلبية الحد الأدنى لكل الفئات. سيقت الدولة فى هذا الاتجاه وسقطت فى شبكة العنكبوت. العدل أن يحصل كل ذى حق على حقه. أن يحصل العامل على حد أدنى هو تشجيع على الكسل. أى حق يجب أن يسبقه أداء الواجب أولاً. لا ندفع أجرة التاكسى إلا بعد الوصول. السباك لا يحصل على أجرته إلا بعد الإصلاح.
ضمان حد أدنى للأجور هو كسب بلا خوف من عدم أداء واجبات الوظيفة. لو فرض وتم تعيين ساع وسائق وخريج جامعى فى وقت واحد، حصولهم على نفس المرتب، أى الحد الأدنى، هل هذا عدل رغم اختلاف الواجبات؟. كما أن الحد الأقصى لا هدف من ورائه سوى التخلص من الكفاءات الفاعلة لتستمر الشخصيات الخاملة.
إذن مع عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات الحد الأدنى للأجور تنفجر الفئويات التى لم يصبها الدور، ومع بقاء قيادات عاجزة تقبل دخولاً قصوى (لأنها عاجزة) تنتشر الفوضى، ومع قيادات عاجزة فى مواقعها ستكون النتيجة انهيار مؤسسات الدولة. يجب توقيف هذا العبث فورا. الدعوة الصحيحة: محاصرة الأسعار، ما قيمة زيادة نقدية فى الدخل يقابلها انكماش فى كمية السلع والخدمات بسبب التضخم، أى انخفاض الدخل الحقيقى؟!.
أى مسؤول يسترضى الناس على حساب المستقبل يرحل فورا. المستقبل يحتاج إلى رجال مخلصين لمستقبل هذا الوطن. الدكتور أحمد عكاشة أعلنها صريحة: المصريون يحبون أنفسهم ولا يحبون مصر. أحد رجال الأعمال العرب قال: إنكم تنتحرون، لا تفكرون سوى فى اليوم، تنسون أولادكم وأحفادكم. لابد من إيقاف هذا العبث فورا. ثورة 30 يونيو قامت من أجل إنقاذ الوطن من الإخوان والحفاظ على الدولة المصرية. الحدان الأدنى والأقصى سيضيّعان ما قامت من أجله ثورة 30 يونيو.
انتهت الرسالة. تقول كلاماً حاداً. صاحبها واضح فى معانيه. لكن لا أحد يمكن أن يصرح بذلك علناً. الحد الأدنى كان أحد الموضوعات التى صنعت زخم يناير. لم يناقش أحد الفكرة. لا يعنى هذا قبولى بالأجور المتدنية. بعض الأجور لا يمكن أن يتعيش منها بشر. الحل يكون اقتصاديا. زيادة حجم العمل. نمو. حركة. استثمار. اجتذاب أموال. سياحة. يكبر الاقتصاد. تمضى العجلة فى طريقها. مع العمل تزيد الدخول. ترتفع المرتبات. المرتبات لا يمكن أن ترتفع بقرار.