ايجى ميديا

الجمعة , 1 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

صندوق الأعمال الكاملة

-  

فريدة فتاة بسيطة وخريجة جامعية حديثة، لم تهتم بالبحث عن وظيفة بقدر اهتمامها بالأدب ومبدعيه، بصفتها هاوية ومحبة للأدب ولها محاولات عديدة في مجالاته المختلفة، ورغم أنها أخفقت في نشره أو حتى بعضه في الصحف والمجلات والدوريات الثقافية، إضافة إلى النشر في دور النشر الحكومية أو الخاصة إلا أنها لم تيأس ولم تحبط ولم تلمح ثقب إبرة من الممكن أن يفضي بها إلى عالم النجومية إلا وحاولت دخوله بشتى الطرق، وها هي قد بحثت وسألت وتقصّت ودلّها بعض المتقربين من عالم المبدعين بقائمة تشتمل على أغلب المراكز التي تهتم بالإبداع ومعظم المقاهي التي يرتادها الكُتاب والمثقفون، تنقلت فريدة من مركز إلى آخر ومن مقهى إلى مقهى حتى وصلت مقهانا هذا، كان بيدها سلاحها الماضي.. كشكولها الذي يضم نماذج من أعمالها، جلست على المقهى وتفرست في وجوه الجالسين الذين بعضهم يلعب الطاولة وبعضهم الآخر يقرأ الصحف أو يتحاور مع رفاقه، لم تتبين من بينهم وجوهًا مألوفة أو شهيرة من عالمها الأثير الذي لخصته في بعض الصور والقصص والحوارات المقصوصة من الجرائد والمجلات والمعلقة على جدران غرفتها الصغيرة، فكرت أن تسأل الجرسون، لكن غلظته التي استقبلتها بمجرد وصولها عندما سألته عن ثمن المشروب قبل جلوسها، جعلتها تصرف النظر عن سؤاله، لكن بمجرد أن عاودت النظر تجاه الأشخاص الذين يجلسون على رصيف المقهى الأمامي، وجدت أحدهم يتفرس فيها، أحكمت وضعية حجابها وخفضت بصرها وشابها بعض القلق، كان الشخص الذي يتأملها بدقة من على الجانب المقابل اسمه محمود وكان قد راقته بساطتها وجمال وجهها الخالي من المساحيق، قام محمود من مكانه تجاهها بثقة متزايدة، وسحب كرسيًا من المنضدة التي تجاورها ودون أخذ إذنها جلس قبالها، وقبل أن تعترض أو تتكدر وتغضب، همس يسألها: قصة ولا شعر؟ انتبهت وجرّتها ابتسامته إلى ابتسامة متحفظة وأجابت: «باكتب قصص وروايات ومسرحيات وشعر فصحى وعامي»، نادى محمود على الجرسون الذي رد عليه من عمق المقهى دون أن يتحرك من مكانه: «عايز إيه يا أستاذ محمود؟» طلب محمود كوبين من عصير الليمون دون أخذ رأيها ولم تعترض فريدة في المقابل، ثم «اتمد حبل الدردشة» على رأي شاعرنا الراحل أحمد فؤاد نجم، وأخبرها محمود بمختصر مفيد عن حياته «ليس يهمنا هنا إثبات الحقيقة من الخيال»، وأهم هذه المعلومات أنه يعمل مستشارًا للنشر في عدد من دور النشر الخاصة، وذكر لها بعض أسماء هذه الدور وتعرفت فريدة على بعض هذه الأسماء وبلعت الطُّعم، سلم عليها محمود بحرارة بعد أن اتفق معها على موعد قريب تأتيه فيه ببعض أعمالها كي يرشحها للنشر في إحدى هذه الدور، تألق وجه فريدة وبات حلمها بأن تصبح كاتبة أقرب إليها من حبل الوريد.

بعد يومين، اتصلت فريدة بمحمود واتفقت معه على اللقاء في اليوم التالي في موقف الباصات بميدان عبدالمنعم رياض، لهفة محمود على لقائها وفرحته بوقوعها في فخه آنسته أن يفكر في غرابة مكان اللقاء، وفي التوقيت المحدد لمحها محمود تنزل من الميكروباص وأحد الركاب يساعدها في وضع صندوق خشبي كبير بجوارها على الرصيف، ثم ينصرف بعد أن شكرته، فريدة سلمت على محمود بحرارة وهي تشير إلى الصندوق وتقول له بابتسامة «كأنها تُعرفه على عروس»: «أعمالي الكاملة في الصندوق ده خلي صاحبك الناشر يختار اللى يعجبه ويطبعه وينشره.. ولعلمك أنا مش منتظرة فلوس في المرحلة دي»، أسقط في يد محمود، لكنه تصرف بسرعة واستدعى «تاكسي» ووضع الصندوق في حقيبة التاكسي الخلفية، وانطلق معها إلى دار ميريت بقصر النيل، وبمجرد وصولهما إلى مقر الدار، أشار لها إلى الطابق الذي تُزَيِّنُه لافتة باسم الدار واستاذن منها أن يصعد بمفرده بحجة أن وجودها معه قد يُسبب إحراجًا لصاحب الدار ويضطره لقبول نشر الأعمال مجاملة لها، تفهمت فريدة الموقف وامتثلت لتعليمات محمود، وصعد محمود بصعوبة والصندوق على ظهره يكاد يصيبه بعاهة مستديمة، لكنه في النهاية أفلح في أن لا ُيخدش «برستيجه» عندما تراه ومحمد هاشم صاحب الدار يسخر منه ومن صندوقه ويكاد يطرده من المكان، وأفلح أيضًا بقليل من الرجاء الذي وصل إلى حد تقبيل رأس محمد هاشم حتى يحتفظ بالصندوق لمدة أسبوع فقط.

بعد هذه الحركة الشهمة من محمود توطدت الصلة بينه وبين فريدة التي اعتبرته بوابتها الملكية للعبور إلى الشهرة والأضواء، وتعددت اللقاءات والأمكنة والأزمنة حتى انتقلت الأعمال الكاملة في ذهن فريدة إلى هامش الشعور، وباتت لا تسأل عنها إلا كلما أخلف محمود موعدًا أو تكاسل عن لقاء، حتى جاء يوم كان محمود قد أعطى فيه موعدًا لفريدة في أتيليه القاهرة، وجاءت فريدة في الموعد بالضبط وانتظرته مدة ساعة كاملة، «كانسل» رناتها في تلك المدة أكثر من 30 مرة، حتى تطوع أحد أولاد الحلال وأخبرها بأن الأستاذ محمود في «البار» القريب من الأتيليه، لم تصدق ما سمعته لأول وهلة، ثم جذبت حقيبتها بعنف وانطلقت تجاه المكان المقصود، كان محمود من بجاحته جالسًا خلف الشباك المعزول بالسلك الذي يطل على الشارع وسط أصدقاء السوء، حدقت فريدة في المنظر ثم قررت أمرًا، من الطبيعي لو أنا فتاة حدث لها ما حدث لفريدة لن يخرج تصرفها عن أمور ثلاثة، أن تدعه وشأنه ولا تكلمه مرة أخرى، أو أن تدخل البار تريه نفسها وتنظر له باحتقار ثم تخرج، أو أن تقتحم البار تسُبّه وتلعنه وتلقي بمشروبه على رأسه، لكن فريدة مبدعة وقد تصرفت في الموقف أيما إبداع، لقد ذهبت إلى مقر الشرطة القريب من المكان وطلبت عمل محضر، سألها أمين الشرطة عن السبب؟ فأجابت ببراءة: لأن الأستاذ محمود أعطاها موعدًا في الأتيليه ووجدته في البار، ضحك الأمين وأخبرها أن الأمور العاطفية ليست من اختصاص الشرطة، ثارت فريدة من كلام الأمين وعلا صوتها وجاء الضابط على أثره سائلًا عن سبب هذه الجلبة؟ انتبهت فريدة لخطأ سؤالها الأول، لذا أخبرت الضابط بأن محمود قد أخذ أعمالها الكاملة ولم يرجعها، تصور الضابط أن الأعمال الكاملة صنف من المجوهرات أو الصيغة واهتم جدًا بالموضوع، وأمر الأمين أن يصطحب جنديين ويذهبون معها لإحضار الأستاذ محمود واسترداد الأعمال الكاملة، اقتحم الجنود البار وعلى رأسهم فريدة، ووجد محمود نفسه وسط مشكلة كبرى أفاقته من سهرته، ولكي يتخلص من المأزق ذهب معهم إلى الناشر وأعطاها صندوق الأعمال الكاملة وسط دهشة الأمين وعساكره.

لم ينته الأمر عند هذا الحد، فقد غضب محمود عليها غضبًا شديدًا، وساقت عليه طوب الأرض كي تصالحه، لكنه رفض رفضًا تامًا، غير أنه بعد مرور عدة أشهر وجدناه يتقدم إليها رسميًا، وينفذ شرطها بأن يعمل بعقد ثابت وبمكان مستقر بدلًا من القفز من جريدة إلى أخرى، وبأن يحتفظ بصندوق أعمالها الكاملة ويساعدها في نشر بعض مما به.

يعيش محمود سعيدًا معها الآن وقد رُزق بأربعة أطفال، ويُثنى عليه في مكان عمله، لكنه حتى الآن لم ينشر لها عملًا واحدًا من داخل الصندوق.

التعليقات