يفتتح اليوم فى الأقصر مهرجان السينما الأفريقية الثالث الذى تنظمه مؤسسة الفنانين المستقلين برئاسة سيد فؤاد وإدارة عزة الحسينى بدعم من وزارات الثقافة والسياحة والخارجية وعدة جهات مصرية ودولية وبالتعاون مع محافظة الأقصر. وهو مهرجان يلبى حاجة حقيقية، وهى دعم العلاقات الثقافية مع دول حوض النيل ودول أفريقيا السوداء، بالإضافة إلى الدول العربية الأفريقية، والتأكيد على أن مصر أفريقية أيضاً، وليست عربية أو إسلامية أو بحر متوسطية فقط، ولا يخفى أن من الغرائب التى تصل إلى درجة الحماقة أن يكون هناك بلد متعدد الأبعاد مثل مصر، ويكتفى ببعد واحد!
أفريقيا هى أقل قارات العالم إنتاجاً للأفلام، وأقلها من حيث أعداد دور العرض السينمائى واستديوهات السينما. وأغلب جهات إنتاج ودعم الأفلام الأفريقية أوروبية، خاصة من الدول التى كانت تحتل أفريقيا السوداء وأفريقيا العربية، والتى لاتزال تحاول احتلالها ثقافياً بعد أن تحررت سياسياً، وبينما تعنى السياسات السينمائية فى دول شمال أفريقيا العربية، خاصة المغرب بدعم إنتاج وتوزيع الأفلام الأفريقية، لا تعنى هذه السياسات فى مصر، والتى تملك أعرق وأكبر صناعات السينما فى القارة بأن يكون لها أى دور، ويكفى أن شاشات مصر لم تشهد عرض أى فيلم أفريقى على الإطلاق منذ أن بدأ الإنتاج السينمائى الأفريقى فى ستينيات القرن الماضى!
مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يجب أن يكون الخطوة الأولى نحو تغيير السياسات السينمائية فى مصر عموماً وتجاه أفريقيا خصوصاً. وقد بدأ المهرجان بعد الثورة، وكان من ثمارها، وبقى أن تصل الثورة إلى السياسات السينمائية، فالمسألة ليست عروضاً للأفلام ومناقشات واحتفالات وحفلات فقط، إنما أفعال تؤدى إلى تغيير الواقع بدعم إنتاج وتوزيع وعرض الأفلام الأفريقية فى مصر، ودعم توزيع وعرض الأفلام المصرية فى أفريقيا.
ولا يحتاج الأمر إلى أموال طائلة، وإنما إلى صندوق لا تتجاوز ميزانيته عشرة ملايين دولار أمريكى سنوياً يتبع قواعد الصناديق الأوروبية. وعائدات هذا الصندوق غير المباشرة ربما تتجاوز المائة مليون دولار على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية على المدى المتوسط والمدى البعيد. كل الدول الأفريقية المنتجة للسينما تشترك فى مهرجان الأقصر الثالث، وأكثر من مائة سينمائى أفريقى يحلون اليوم ضيوفاً على مصر، ومرحباً بهم.