سامى عنان ساعدَته الصدف فوصل إلى ما وصل إليه.لا تختلف صُدَف سامى عنان عن صُدَف حسنى مبارك الذى أصبح رئيسًا لمصر لمدة 30 سنة طغى فيها وتَكبَّر وخرَّب البلاد ودمَّرها ونشر فيها الاستبداد والفساد وأرادها أيضًا إرثًا لابنه من بعده.
ومبارك كافأ سامى عنان بعد أحداث مجزرة الأقصر بعد أن استطاعت قواته (كان وقتها قائدًا عسكريًّا فى تلك المنطقة) التخلُّص من مدبِّرى مجزرة الأقصر وقتلهم ممَّا أدَّى فى النهاية إلى غياب أى أدلَّة على منفذى الحادثة، اللهم إلا الجثث التى لم تتوصل جهات التحقيق إلى معرفتهم.
وأبقاه مبارك فى الخدمة وكان من المفترَض أن يترك الخدمة فى الجيش مثل غيره، بل واختاره بعد ذلك ليصل إلى منصب قائد قوات الدفاع الجوى ليحتفظ بترتيبه فى الترقية ليصل إلى منصب رئىس أركان الجيش... فكان رجل الصدفة مثل رئيسه مبارك بالضبط.
ولعبت الصدفة دورها أيضًا فى وجوده فى أثناء ثورة 25 يناير 2011.
وأصبح بالصدفة قائمقام نائب رئىس الدولة باعتباره رئىسًا للأركان ونائب رئيس المجلس العسكرى.
وأراد الرجل أن يكمل الصدفة ويصبح رئىسًا، وقد طمع فى المنصب بعد أن جلس مع قوى سياسية ورأى ما رأى فيها وتبرع كثير منهم لترشيحه رئىسًا.. بل إن مِن قيادات الأحزاب مَن منحه شهادة حزبية تتيح له الترشح رئىسًا فى انتخابات 2012 (واسألوا السيد البدوى!).
لهذا كنت أتمنى -وغيرى كذلك- أن يكمل سامى عنان ما سعى إليه خلال الشهور الماضية من طرح نفسه مرشَّحًا رئاسيًّا لقيادة البلاد خلال تلك المرحلة.
لكنه آثَر السلامة وترك الساحة بعد أن بذل مجهودًا كبيرًا خلال المرحلة السابقة لوضع اسمه فى قائمة المرشحين من كتابة مذكراته وادّعاءاته بقيادته فى ثورة 25 يناير..
وشرائه ذممًا وادعاءاته بأدواره العظيمة التى جعلت منه شخصًا مقصودًا اغتياله ليمارس علينا مسرحية هزلية خلال الأيام الماضية من تتبُّع أشخاص له، أرادوا اغتياله، وأصرّ على روايته ولم يتنازل عنها حتى بعد أن أعلن انسحابه من السباق الرئاسى!
كنت أتمنى أن يستمرّ فى السباق الرئاسى حتى يجيب عن أسئلة كثيرة ما زالت تحيط بدوره الغامض عبر السنوات الثلاث الماضية.
فماذا عن دوره فى تسليمه مع رئيسه المباشر المشير طنطاوى والمجلس العسكرى السلطة للإخوان؟
وماذا عن دوره فى أحداث الثورة من ماسبيرو إلى محمد محمود وأحداث مجلس الوزراء التى سقط فيها شهداء للثورة؟
وماذا عما جرى فى الانتخابات الرئاسية التى فاز فيها محمد مرسى؟
وماذا عن علاقته بالإخوان؟
وماذا عن بدء العمليات الإرهابية فى سيناء وتركها دون التصدى لها حين كان هو رئىسًا للأركان؟
وأخيرًا ماذا عن ثروته وأملاكه؟ ومن أين له هذا؟!
لقد قال سامى عنان فى خطاب تنحِّيه عن الترشح للرئاسة: «لقد بذلت مع زملائى فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة الرجل الوطنى الجسور المشير محمد حسين طنطاوى طيلة الفترة الانتقالية الأولى فى أعقاب ثورة يناير المجيدة جهدًا فوق طاقة البشر،
وواصلنا العمل ليل نهار دون كلل حفاظًا على الوطن وأمنه واستقراره، وصونًا لمقدَّرات الشعب وحماية للجيش المصرى وتلاحُم صفوفه، وحملت مع كافة أعضاء المجلس الأعلى أمانة المسؤولية بكل شرف وشجاعة وإيمان بالله والوطن، ملتزمين بالمصلحة العليا للبلاد، وباحترام إرادة الشعب، والحفاظ على مؤسَّسات الدولة، والوقوف بجانب الجماهير فى كل مكان بامتداد ربوع مصرنا الغالية».
ولم يذكر عنان أنهم من أهدروا ثورة 25 يناير وأجهضوها.
ولم يقُل لنا إنهم نفّذوا طلبات الإدارة الأمريكية عندما أبلغتهم هيلارى كلينتون أن ما جرى انتفاضة لا ثورة..
فإذا بهما (عنان وطنطاوى) ينفذان الأوامر!
فعلًا انسحاب عنان من الترشح للرئاسة خسارة!