سأل الأستاذ إبراهيم عيسى فى برنامجه «30/25» الأستاذ محمد حبيب نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، سؤالا محددا عن: لماذا يصل الإخوانى وبالذات الشباب إلى هذه الدرجة من تعريض أنفسهم وأهلهم ومستقبلهم للخطر دفاعا عن التنظيم، بطريقة توحى أنهم معصوبو الأعين يفعلون ما يُؤمرون به ودون أى نظرة لخطورة ما يُقدمون عليه؟ فكان رد الأستاذ حبيب أن السمع والطاعة فى الجماعة هو الأساس القوى فى تربية الشباب فى التنظيم، بجانب الثقة الكبيرة والعمياء فى القيادات الكبرى، وباعتبارهم هم الأدرى والأفهم والقادرون على فهم مستقبل الجماعة بطريقة أفضل. ومن هنا تأتى الصورة التى تراها الآن فى الشوارع، والتى تعرض نفسها ومستقبلها للخطر الداهم دون أى وعى ولا أى عقل مستنير!
تذكرت هذا الحوار الهام، وأنا أستعرض فى قراءة الصحف خبر إلقاء القبض على خلية إرهابية فى الدقهلية، اعترفت بقتل رقيب الشرطة عبد الله عبد الله إبراهيم، حارس المستشار حسين قنديل قاضى اليمين فى محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى، بعد إطلاق ملثمين النار عليه فى أثناء عودته إلى عمله.. تعالَوا بنا نستعرض الأسماء للمتهمين، وماذا يعملون. التشكيل الإرهابى يضم 11 فردا، تتراوح أعمارهم بين 20 عاما و39 عاما.. منهم خمسة ينتمون إلى القطاع الطبى من دكتور طب امتياز، إلى طلبة فى كلية الطب والصيدلة.. ومنهم اثنان فى كلية الهندسة وآخر فى كلية العلوم، وطالب آخر فى كلية الشريعة والقانون بالأزهر وآخرون!!
وبتأمل هذه الخلية الإخوانية الإرهابية نجد أن أكثرهم يدرسون فى أعلى الكليات العملية فى مصر، هى الطب والهندسة والعلوم والشريعة والقانون، ونسأل أين كانت عقول هذا الشباب وهى تقتنع أن أعمالهم الإرهابية هذه سوف تدخلهم الجنة وإلى طريق الخير للإسلام؟ وما الفائدة العظمى والكبيرة لهم وللإسلام من قتل فرد أمن «غلبان» يؤدى عمله، سواء كان مقتنعا به أو غير مقتنع، فى حراسة قاضٍ جليل بالقضاء المصرى؟ ماذا سيقول هؤلاء يوم القيامة مِن الذى يهددون الناس به؟ ماذا سيقولون لله، سبحانه وتعالى؟ يقولون إننا قتلنا الرجل من أجل رفعة الإسلام، أم يقولون إننا قتلناه من أجل عودة أبو الإسلام وسيفه محمد مرسى، الرجل الذى لم يفعل شيئا فى حياته كرئيس للجمهورية لمدة عام من أجل الإسلام؟ لم يحاول أن يقول لنا مثلا كيف ترك الخمور تباع فى دولة إسلامية، بل يفرض عليها الضرائب كإثبات أنها سلعة عادية تباع وتشترى!!
كيف لهذا الرئيس المسلم الإخوانى أن يخاطب قادة إسرائيل بكتابة الصديق الوفى؟ كيف لم نرَ فى عهده أى تصريح ضد دولة إسرائيل؟ كيف للتاريخ أن ننسى أنه قدم خدمات جليلة إلى إسرائيل بإقامة اتفاقية لها مع حماس الإخوانية، ضمنت إسرائيل من خلالها أمنها وسكنت الصواريخ والأسلحة الحمساوية عنها، بينما توجهت إلى القاهرة والمحافظات؟! ماذا سيقول هؤلاء الشباب فى قتلهم هذا الرجل الغلبان، فرد الأمن البسيط؟! هل قتلُ عسكرى مرور أو ضابط مرور فى الشارع قربان إلى الله؟ لا أعرف ولا يعرف كثيرون من الناس سر هذا العمى الحيثى، الذى يتمتع به هؤلاء الناس لكى يقوموا بهذه الأعمال الإرهابية بوازع دينى. أى دين يتحدثون عنه؟ أليس هذا الدين الذى يدعو إلى الطريق المستقيم، ويرفض إراقة الدماء ويدعو إلى الفضيلة؟ كيف يمكن أن يتحول تحت أيدى هؤلاء الناس إلى دين قتل وقنابل ومولوتوف؟! كيف يمكن لهؤلاء أن يقتنعوا أن طريق القتل والدماء يوصل فى النهاية إلى مستقبل عظيم وجيد، لبلد عظيم مثل مصر أو أى بلد فى العالم؟ إن تغمية العيون عن الحقيقة سوف توصلهم دائما إلى حبل المشنقة، لأن المجتمع الذى يصفونه بالكافر لن يتركهم ليفعلوا فيه ما يفعلون، لأن هذا البلد يمتلك من الحضارة والثروة كثيرا، وقادر على أن يتصدى لهؤلاء المغفلين بكل قوة وعزم!!
الحقيقة أنا حزين على هؤلاء الشباب المقبوض عليهم، وأيضا الذين تراهم على شاشات التليفزيون كل يوم وهم يحرسون دور العلم، يصيبون العشرات بقنابلهم وأسلحتهم.. ولا أعرف هل يمكن أن نتخاذل مع هؤلاء كيف لا أعرف.. على العموم لن يصح فى هذا البلد إلا الصحيح، وسينتهون مثلما انتهى إخوانهم فى التاريخ.