ما يحدث حاليا فى ملاعبنا الرياضية من موجة «استهبال رسمى» لبعض الجماهير يتسق تماما مع حالة الانفلات الأخلاقى، التى تعيشها مصرنا الحبيبة منذ أكثر من ثلاث سنوات، نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التى سمحت للمأجورين وضعاف النفوس بعمل أى شىء مقابل المال، وأصبح الشعار الرسمى السائد هو: «الجنيه غلب الكارنيه!». أضف إلى ذلك ضرورة الاعتراف بأن تركيبة المواطن المصرى أصابها خلل جسيم نتيجة لعوامل عديدة أدت إلى فقدانه كثيرا من صفاته الحميدة، التى كثيرا ما تغنَّينا بها مثل «ملك الجدعنة» و«أصل الشهامة» و«أبو الرجولة»، وحلت مكانها مبادئ «كبر دماغك» و«يالّا نفسى» و«عيش ندل تموت مستور».
مناسبة هذا الكلام المرّ، هى الوقائع التى حدثت خلال مباريات الأسبوع الماضى:
1- فى أثناء مران فريق الاتحاد السكندرى يوم الخميس الماضى هتفت الجماهير ضد اللاعب أيمن سعيد، بعد أن كانت قد اتهمته سابقا بالتطاول على النادى ومشجعيه. تطور الأمر إلى نزول بعضهم إلى أرض الملعب لضربه، مما دفع زملاءه إلى التدخل من أجل الدفاع عنه، وتحول الأمر إلى «عركة إسكندرانى» حاول خلالها المدرب الفرنسى لافانى الفصل بين القوات، إلا أنه كاد أن يصاب خلال القتال الدائر، مما دفعه إلى إلغاء المران مع التهديد بالرحيل عن الفريق، وتضامن معه حارس المرمى على فرج، الذى أعلن أنه لن يجدد التعاقد مع النادى بسبب الإهانات التى يتعرض لها اللاعبون بصورة مستمرة.
هذه ليست المرة الأولى التى تتعدى فيها جماهير سيد البلد على فريقها، بل حدث أيضا فى موسم سابق أن اقتحموا ملعب التدريب وهاجموا اللاعبين بسبب سوء النتائج، مما أدى إلى إصابة المدافع السابق عطية البلقاسى فى رأسه ونقله إلى المستشفى!
أين هم رجال الشرطة المفروض وجودهم للتأمين؟ ما دور مجلس الإدارة فى حل المشكلات قبل تفاقمها إلى هذا الحد؟ هل هذه المشاغبات تساعد الفريق على الاستمرار فى سلسلة النتائج الجيدة التى يحققها منذ بداية الموسم «لم ينهزم فى أى مباراة حتى الآن»؟ إذا لم يكن عادل شكل كبير المشجعين شريكا فى افتعال هذه المشكلات، فلماذا لم يتدخل لمنع وقوعها؟
2- بعد انتهاء مباراة الأهلى والإنتاج الحربى وفى أثناء توجه الحكم محمود عاشور إلى حجرة تبديل الملابس، فوجئ بأحد الأفراد التابعين لفريق الإنتاج يلقى عليه وابلا من الشتائم، فتم إبلاغ الأمن الذى سيطر عليه، إلا أنه أفلت منهم وانتظر الحكم أمام سيارته وكرر الاعتداء عليه مرة أخرى. حاول إسماعيل يوسف ومعاونوه الاعتذار لعاشور و«لمّ الموضوع» لكنه رفض وأصر على تحرير محضر بالواقعة فى قسم الشرطة، إلا أن عدم علمه باسم المعتدى دفعه إلى التراجع وقرر كتابة تقرير مفصل بما حدث وتقديمه إلى اتحاد الكرة.
بعض مسؤولى الفريق حاولوا التنصل من المسؤولية بادعاء أن هذا الشخص لا ينتمى إليهم بأى صلة «قيل إنه أحد عمال غرف الملابس»! معنى ذلك أننا يجب أن نقتنع ونصدق أن هناك مشجعين متعصبين للإنتاج الحربى وغيورين على نتائجه، لدرجة محاولتهم الاعتداء على الحكم الذى طرد لاعبا من فريقهم! والنبى تقولوا كلام معقول.
3- لقاء جمهورية شبين الكوم وبلدية المحلة فى دورى القسم الثانى انتهى بهزيمة الأول على ملعبه بنتيجة 1/5. بدلا من أن يحتفل أنصار الفريق الفائز بلاعبيه قاموا بالنزول إلى أرض الملعب واعتدوا عليهم دون سبب واضح، وتحول المستطيل الأخضر إلى ساحة قتال، تبادل فيها الجميع اللكمات واللعنات وخلعوا القمصان والتيشيرتات، ليس من أجل التبادل فى ما بينهم ولكن علشان يضربوا على راحتهم!
ما يحدث الآن على الساحة الرياضية «وغير الرياضية» ليس له إلا اسم واحد فقط: قلة أدب!