حينما استيقظت فى صباح اليوم التالى فى هذا البيت السريلانكى الجميل، وذهبت لتناول الإفطار فى غرفة الطعام التى تطل على مشهد جميل لجانب من مدينة كاندى، يترامى تحت البيت غارقًا فى الأشجار والخضرة، وجدت أن صاحب البيت وزوجته هناك يتناولان إفطارهما. يخدمهما نادل الفندق خادم البيت بطريقة تذكر بأيام الأرستقراطية القديمة، التى تكشف فيها العناية بالتفاصيل الصغيرة عن التحضر ورهافة الثقافة. فقدرت ذكاء الرجل فى توفير مستوى راقٍ من المعيشة له هو وزوجته، وتزويد عدد محدود من السياح بتجربة بيتية فريدة تبقى فى ذاكرة بعضهم على الأقل، كما هو الحال معى. حيث لم يبق شىء فى ذاكرتى من الفندق الذى نقلنى إليه السائق فى اليوم التالى كى يوفر لنفسه مكانا، وعمولة إضافية ربما. ولكن بقى هذا البيت الجميل إضافة مهمة لتجربة التعرف على هذه الجزيرة. ووجدت أن النادل قد جهّز مائدتين صغيرتين إحداهما لى والأخرى للنزيل الآخر، فليس فى غرفة الطعام تلك سوى أربع موائد بعدد غرف نوم البيت كله لشخصين. وكان تجهيز الإفطار فى هذا البيت لا يقل فخامة وذوقا عن أى إفطار فى فندق راقٍ، اللهم إلا أنه يفتقر إلى الإسراف الذى نجده فى تلك الفنادق، وقد تحولت إلى نسخ أمريكية مكرورة بعضها من بعض. كما أن الخدمة الشخصية على المائدة، والتى تخلت عنها الفنادق الكبيرة، معوضة ذلك بكثرة الأطعمة التى تختار منها بنفسك كما تحب، إشباعا للجشع الذى يتسم به الذوق الأمريكى، أعادتنى إلى أيام الخدمة الراقية فى كليات أكسفورد القديمة فى الزمن القديم، فلم يعد حتى باستطاعة تلك الكليات العريقة أن توفر ما كانت توفره لروادها فى سبعينيات القرن الماضى حينما تعرفت عليها لأول مرة.
عاش عرابى فى هذا البيت منذ انتقل إلى كاندى عام 1892 حتى عودته إلى مصر فى سبتمبر عام 1901
حيث كان الإفطار فى «ريجينت لودج» يتكون من أربعة أطباق كل وراء الآخر.. طبق من الفواكه الاستوائية اللذيذة مع عصير الفواكه والشاى أو القهوة، ثم مجموعة من الشطائر مع المربات أو الأجبان، ثم البيض والنقانق، ثم الحلو الخفيف الذى كان نوعا من الحلوى المهضمة. وقبل أن أنتهى من إفطارى كان السائق قد وصل، كما أخبرنى النادل فطلبت منه أن يعطيه حقيبتى التى كنت قد جهزتها قبل توجهى إلى غرفة الطعام. وواصلت الاستمتاع بإفطارى على مهل، فالأشياء الصغيرة المحتفى بها بعناية وذوق تستحق الاستمتاع بها على مهل. ولما انتهيت منه طلبت من صاحب البيت أن يشرح للسائق أين يقع بيت عرابى ومتحفه، الذى كنت شديد الشوق لرؤيته بعد تلك الأيام القليلة فى الجزيرة. ولم يكن البيت ببعيد، إذ إنه لا يبعد عن «ريجنت لودج» بأكثر من عشر دقائق بالسيارة، كما قال لى صاحبه أمس. ويقع بيت عرابى ومتحفه فى كاندى الآن فى رقم 26 شارع جورج دى سيلفا ماواثا 26 George de Silva Mawatha على تلة عالية من تلال كاندى الكثيرة، تشرف على منظر بديع لا يقل جمالا عن ذلك الذى يشرف عليه البيت الذى قضيت فيه ليلتى الأولى فى كاندى.
ولما وقفت السيارة أمامه ورأيت اللافتة التى تعلن عنه على مدخل الممر الصغير المؤدى إليه لم أستطع أن أتمالك نفسى أو جيشان مشاعرى، وشعرت وأنا أنزل من السيارة وأمشى فى هذا الممر بأننى على موعد حقيقى مع لحظة مجيدة من تاريخ بلدى، مهما لفها الجحود. وها أنا ذا أصعد فى الطريق الذى لا بد أن عرابى قد قطعه آلاف المرات. شعرت بنوع من الزهو بأننى من بلد عرابى الذى جحدته بلاده، ولكنه يحظى هنا بقدر أكبر من التبجيل. وبأننى أقول لهم إن هناك فى مصر من يذكر عرابى وفضله، ويجىء إلى الجزيرة بحثا عن آثاره. فها هو مصرى يجىء بعد مئة وثلاث عشرة سنة من مغادرة عرابى للبيت كى يزوره بشغف وتقدير كبيرين، ويمتلئ قلبه بمشاعر متضاربة لموعده هذا مع التاريخ. وشعرت بأننى لا أستطيع أن أقترب منه من شدة الوجل وعبء التاريخ. لكن مشاهدتى لشخص يغلق بوابة البيت بسلسلة حديدية وقفل كبير دفعنى إلى الهرولة إليه، طالبا منه أن لا يغلق البيت. فقد قطعت كل تلك المسافات والبحار كى أراه وأدخله. وارتبك الرجل، فلم يكن غير حارس البيت البسيط الذى كان مغلقا، لأن اليوم هو الأحد، وهو يوم عطلة، ولم يفهم ما أقوله له، فطلبت من السائق أن يترجم بيننا، فهذه من فوائد أن يكون معك سائق سنهالى، وأن يشرح له أننى قدمت من مصر خصيصا، بلد أحمد عرابى صاحب هذا البيت، كى أزور البيت، وأشاهد مقتنياته.
ولما فهم الأمر اتصل برئيسته وشرح لها الأمر باللغة السنهالية، فطلبت منه أن يفتح لى البيت كى أراه. وأن يطلب منى إن أردت أن ألتقى أيا من المسؤولين عنه أن أعود فى اليوم التالى (الإثنين) بعد الثامنة صباحا، حيث يفتح البيت أبوابه للزوار. ولم أصدق حظى السعيد. فلو تأخرت قليلا، أو حتى بكرت قليلا، لما رأيت لحظة إغلاق الحارس للباب، ولما دخلته اليوم أصلا. والبيت كما ترى من الصورة بيت جميل وبسيط وكبير نسبيا. بُنى من دورين، وكالبيت الذى أمضيت فيه ليلتى على جرف صخرة تل، وبالتالى طوعوا البيت لانحناءات الصخرة أو التل الصخرى، كما هى العادة فى كثير من البيوت هنا. حيث دوره السفلى، تماما كـ«ريجينت لودج»، أقل مساحة من دوره العلوى الذى تحول إلى مدخل البيت الجانبى، فأنت لا تدخل البيوت المبنية فى أحضان التل الصخرى من دورها السفلى، وإنما عادة من أعلى أدوارها الذى يقع فى مستوى الشارع. وحينما دخلته وجدت أننى أدخل شيئا أقرب ما يكون إلى مدرسة، حيث كانت ثمة غرفة مفتوحة تشبه الفصل الدراسى، وأخرى مغلقة عليها لافتة تقول إنها المكتبة. ويواجه بيت عرابى السهل الواقع تحت أقدام هذا التل، فيشرف بذلك على مشهد طبيعى بديع. ولكنه لحسن الحظ له حديقة تمتد بموازاة طابقه السفلى، وقد بنى فيها مسجد صغير يعود بناؤه فى ما يبدو إلى فترة إقامة أحمد عرابى به. كما وضع فيها نصب تذكارى لعرابى على هيئة تمثال نصفى له، ولوحة عليها اسم المتحف وشىء من تاريخه.
لكن الحارس قادنى مباشرة إلى الدور السفلى الذى تحول إلى متحف لعرابى، يحكى قصته للسريلانكيين ويحتفظ ببعض وثائق عرابى وآثار رفاقه فى منفاهم. ويعرض على زائره بعض وثائق الثورة العرابية، خصوصًا فى الفترة التى سبقت النفى أو التى عاشها العرابيون فى كاندى. وفى البيت صور ولوحات للباشوات السبعة، وكثير من الوثائق الأساسية المتعلقة بالثورة.. من الأوامر الخديوية بالحكم على عرابى وعلى رفاقه بالإعدام، وتخفيف الحكم إلى النفى المؤبد، إلى وثائق الضبطية القضائية المتعلقة بتسليمهم إلى خفر السواحل بالسويس لترحيلهم عن الديار المصرية، إلى وثائق السفينة التى أقلتهم إلى سيلان، وقائمة بالباشوات السبعة وبمن صحب كل منهم من أفراد الأسرة أو الخدم، إلى بعض الوثائق الأصلية المتعلقة بأحداث الثورة العرابية ذاتها، وبتوكيلات الأمة لعرابى لتمثيل مطالبها، أو مطالبات ممثليها بضرورة تعيينه ناظرا للحربية، وبما جرى فى أثناء عملية الاحتلال الإنجليزى لمصر. كما أن به كثيرا من اللوحات المرسومة التى تحكى مراحل الثورة العرابية ذاتها، وهى صور لا تنسى دور خطيب الثورة وقلمها الأساسى، عبد الله النديم، رغم أنه لاذ بأبناء مصر واختفى بينهم، ولم يتعرض للنفى. وهناك صور فوتوغرافية عديدة لكل من الباشوات السبعة وتاريخ كل منهم العسكرى والوطنى على السواء ناهيك ببعض التماثيل، وبعض مخلفات المنفيين فى سيلان.
وقد عاش عرابى فى هذا البيت منذ انتقل إلى كاندى عام 1892، وحتى عودته إلى مصر فى سبتمبر عام 1901، حيث انتقل إلى كاندى كما نعلم عام 1892. وقد كان موت عبد العال حلمى عام 1891 بكولومبو بعد مرض غير قصير، والذى كان فى ما يبدو أقرب الباشوات السبعة إلى قلب عرابى، وهو ما دفع عرابى إلى ترك كولومبو والانتقال إلى كاندى التى انتقل إليها ثلاثة من رفاقه قبل عدة سنوات. ويبدو أن عرابى كان قد ضاق بكولومبو لأكثر من سبب. ليس فقط لأنها أصبحت المكان الذى دفن فيه أقرب رفاقه إلى قلبه، حيث دفن عبد العال حلمى فى مقبرة كوبياواتا Kuppiyawatte للمسلمين، والتى تقع الآن فى شارع سيرى دارما ماواتا Sri Dharma Mawatha والذى كان يسمى وقتها بشارع المعبد Temple Street، ولا يزال شاهد قبره المصنوع من الرخام يحمل اسمه بالعربية والإنجليزية فيها حتى اليوم. ولكن أيضا لأنه كان قد ضاق بكل ما تجلبه له شهرته بها من زيارات غير مرغوب فيها. كما أن هواء كاندى الجاف والمغاير لمناخ كولومبو البحرى الرطب كان هو الآخر من دوافع انتقاله إليها، بعد التقدم فى العمر، وبعد أن مضى عليه فى المنفى نحو عشر سنوات، كان يعلل النفس فيها كل عام بأن هذا هو عامه الأخير فيها بلا جدوى. وقبل الحديث عن كاندى وعن سنوات عرابى فيها، دعنا نتعرف على هذا البيت الجميل، وكيف تحول إلى متحف تملكه مصر، أى السفارة المصرية فى سريلانكا.
ويقع البيت/المتحف كما ذكرت فى شارع جورج دى سيلفا ماواثا (والذى كان يسمى وقتها بشارع هالولوا) وهو نفس البيت الذى تركه يعقوب سامى لعرابى، حينما وفد الأخير إلى كاندى، ولم يغادره عرابى حتى ترك الجزيرة عائدا إلى مصر. وكان البيت فى أثناء إقامة عرابى به جديدا وحديث البناء، يتكون من غرفتين كبيرتين أحدهما أكبر من الأخرى، وصالة فى كل دور. وكان مبنيا على صخرة، لدرجة أن سلمه الداخلى كان منحوتا فى تلك الصخرة العارية بداخله كما يقولون، ولم يكن مبنيا أو مغطى بالأسمنت كما هو الآن. وكان عرابى يقيم فى الغرفة الكبيرة فى الدور الأول كغرفة نوم له، وهى الغرفة التى تحولت الآن إلى المكتبة، بينما يحتل بقية أفراد أسرته الغرفة الأخرى. أما الدور السفلى، والذى تحول الآن إلى متحف، فقد كانت فيه غرفة الاستقبال، حيث كان يستقبل عرابى فيها زواره الكثيرين فى كبرى الغرفتين. أما صغراهما فقد كانت هى غرفة الطعام، وكان ملحقا بالبيت وقتها حمام ومطبخ خارجه. ويقع البيت على بُعد نصف كيلومتر من مركز المدينة، وليس فى ما يعرف الآن بشارع هالولوا الذى يقع فى ضواحيها.
وقد بناه على هذا الجبل أو التل الأخضر دون هنرى ويجينيكى Don Henry Wijenaike والذى كان أحد أثرياء مدينة كاندى وقتها، قبيل وفود عرابى لها بعام واحد. وأجّره ليعقوب سامى الذى تركه بدوره لعرابى باشا حال انتقاله إلى كاندى، عام 1892. ومنذ ذلك الوقت عرف البيت باسم «بيت عرابى باشا». وبعدما غادر عرابى الجزيرة وعاد إلى مصر عام 1901، منح دون ويجينيكى البيت لابنه الدكتور والتر ويجينيكى، الذى اعتنى بالبيت مدركا أهميته التاريخية. رغم أنه لم يكن من مسلمى الجزيرة لكنه كأى متعلم فيها يقدر الدور الذى لعبه عرابى فى نهضتها. وأدخل عليه بعض التجديدات كى يجعله عصريا ومريحا لأسرته، مثل بناء غرفة إضافية فى الدور العلوى، وبناء حمام ومطبخ داخلى بدلا من الخارجيين. وعاش فيه مع زوجته وأسرته. وقد أوصى زوجته قبل وفاته، بأن لا تفرط فى البيت، وأن لا تبيعه لأى شخص من خارج العائلة لأهميته التاريخية. اللهم إلا إذا أرادت الدولة أو مصر شراءه لتحويله إلى متحف. وقد استمر البيت فعلا فى حوزة العائلة حتى سبعينيات القرن الماضى لا تريد التفريط فيه، حينما اضطرت زوجته، نتيجة لبعض التشريعات التى صدرت فى ذلك الوقت، إلى بيعه. وقد يئست من أن تشتريه منها الحكومة المصرية وتحوله إلى متحف. وقد تناقل ملكيته عدة أشخاص فى فترة قصيرة، لكن الحكومة السريلانكية قدمت دعما ماديا كبيرا، لكى تنتقل ملكيته إلى مصر. مما مكّن الحكومة المصرية من شرائه، أو بالأحرى الإسهام فى ثمنه رمزيا كى يصبح بيت عرابى ملكا لمصر، وليس ملك الحكومة السريلانكية، شرط تحويله إلى متحف لعرابى بمناسبة احتفال سريلانكا عام 1983 بالعيد المئوى لوصول العرابيين إلى الجزيرة.
وقد تحول البيت إلى متحف، وافتتحه فى كاندى فى يوم الأحد 13 نوفمبر 1983 وفد حاشد من أعلام الجزيرة وكبار الرسميين فيها، وأعيان مسلميها، وفى حضور محمد عبد الحميد رضوان، وزير الثقافة المصرى وقتها، نائبا عن محمد حسنى مبارك. والواقع أننى ومن متابعتى لتاريخ عرابى فى سريلانكا بدا لى، وبسبب معاناتنا من فقدان الذاكرة التاريخية، وإهمالنا لتواريخنا وأعلامنا، أن مسلمى الجزيرة بشكل عام كانوا أحرص على الاهتمام بعرابى، ورقش تاريخه فى ذاكرة جزيرتهم من الحكومة المصرية نفسها. فقد كانوا هم الذين حرصوا عام 1955، وفى أثناء زيارة قصيرة قام بها الدكتور محمود فوزى، وزير الخارجية المصرى وقتها، إلى سيلان، أن يقوم بإزاحة الستار عن لوحة كبيرة لأحمد عرابى تتصدر البهو الرئيسى المسمى بـ«قاعة غافور» فى (الكلية الزاهرة) التى أنشأها عرابى، وأصبحت علامة أساسية على نهضة المسلمين فى تلك الجزيرة، وصرحا تعليميا مهما فيها منذ إنشائها وحتى اليوم. كما كانوا هم الذين احتفلوا أيضا، بعد افتتاح المتحف وتدشينه بربع قرن، بمرور 125 عاما على وصول العرابيين إلى الجزيرة عام 2008 وذلك بإطلاق اسم أحمد عرابى على شارع رئيسى فى منطقة مارادانا فى كولومبو. كما أصدروا طابع بريد تذكاريا يحمل صورته بهذه المناسبة أيضا. ولا أظن أننا فعلنا أى شىء مشابه إلا فى الذكرى المئوية لثورته، حينما صدر طابع بريد له بهذه المناسبة.
ويضم بيت عرابى الآن إلى جانب المتحف الذى يشغل الدور الأرضى، مؤسسة عرابى باشا التعليمية، وهى فى حقيقة الأمر مركز لتمكين المرأة وتعزيز قدراتها المعرفية والعملية على السواء، ذلك لأن أحمد عرابى كان أول من شجَّع مسلمى الجزيرة على تعليم بناتهم، لذلك ارتبط اسمه فى هذه الجزيرة الجميلة بتبديد خرافة عدم حاجة المرأة المسلمة للتعلم. وهذا ما تكرسه مؤسسته التعليمية الآن فى كاندى، وقد تحولت إلى مركز تعليمى للكثير من الأنشطة النسائية بدءا من تعليم اللغات، وفى مقدمتها اللغة العربية، مرورا بتعلم كثير من المهن النسائية من نسج وتطريز ورسم على القماش، وهو من الفنون المحببة فى آسيا عموما، ويعرف باسم فن الباتيك، وعدد من الحرف الأخرى. ناهيك ببرامج لتدريب المرأة على إدارة الأعمال، وعلى الانخراط فى العمل فى كثير من المهن. وتوشك مهمة المركز من هذه الناحية أن تكون مكملة لمهمة (الكلية الزاهرة) التى أصبح لها أكثر من فرع فى سريلانكا، بما فى ذلك واحدة فى كاندى سوف أزورها وأحكى للقراء عنها، لأنه يعد مركزا لتعليم الكبار، أو لتدارك النقص الذى تعانى منه النساء اللواتى فاتهن قطار التعليم أو العمل، على اللحاق به. ولهذه المؤسسة مجلس إدارة من أعيان كاندى من المتطوعين والمتطوعات، وتعد نوعا من العمل التطوعى الذى يواصل به بيت عرابى ومتحفه جانبا من الدور الكبير الذى بدأه ساكنه، ورسخه فى واقع مجتمع المسلمين فى الجزيرة قبل أكثر من مئة عام. ويحيل المتحف إلى مؤسسة حية وفاعلة فى حياة المدينة. وحينما زرت المتحف من جديد فى صباح اليوم التالى، وجدت به بعض العاملات فيه اللواتى شرحن لى دوره والدورات التعليمية والتدريبية العديدة التى تعقد به. وتصفحت بعض ما تنطوى عليه مكتبته من كتب، كان أغلبها باللغتين السنهالية والتاميلية، وكان بها عدد قليل من الكتب الدينية العربية والكتب الإنجليزية فى مختلف نواحى الفنون النسائية. وتحتل المكتبة غرفة الطابق العلوى التى كانت غرفة نوم عرابى طوال سنوات إقامته فى هذا البيت الجميل.
وسوف أغادر البيت للتوجه مباشرة إلى مؤسسة عرابية أخرى فى المدينة، ألا وهى (الكلية الزاهرة) فى كاندى، والتى سأحدث القراء عنها وعن كاندى نفسها فى الأسبوع المقبل.