تتصدر الأنباء منذ فترة ما يحدث فى شبه جزيرة القرم، الموجودة وهى جمهورية ذات حكم ذاتى ضمن جمهورية أوكرانيا، حيث تقع جنوب البلاد، ويحيط بها البحر الأسود من الجنوب والغرب، ويحدها من الشرق بحر أزوف.
القرم اليوم فى منتصف أزمة سياسية طاحنة ما بين أوكرانيا وروسيا. كثيرون لم يسمعوا عن القرم قبلاً، ولا يعلمون أين تقع على الخريطة. كلمة القرم تعنى «القلعة» أو «الحصن» باللغة التتارية، وارتبط هذا الإقليم بالعثمانيين خلال دولة «خانات تتار القرم» التى تأسست عام 1430، واستمرت هناك لنحو أربعة عقود قبل أن تُسقطها عام 1783 الإمبراطورة كاترين الثانية، التى شرعت بعد ذلك فى تهجير أعداد كبيرة من مواطنيها الروس إلى هناك، لذلك فأنت تجد أن 58 بالمائة من سكان القرم اليوم من الروس، والبقية من الأوكرانيين والتتار. وكان اسم القرم فيما مضى «آق مسجد»، أى «المسجد الأبيض»، قبل أن يستولى عليها الروس.القرم سالت عليها دماء مصرية كثيرة. وألف عنها الأمير عمر طوسون كتابا مهماً.. والأمير عمر طوسون هو الابن الثانى للأمير طوسون بن محمد سعيد بن محمد على. أمه هى الأميرة فاطمة إحدى بنات الخديو إسماعيل، التى ما إن علمت عن طريق طبيبها الخاص محمد علوى باشا، عضو مجلس الجامعة المصرية، بالصعوبات التى تعانيها هذه الجامعة، حتى بادرت بإخراج هذا المشروع من عثرته المالية، فأوقفت ستة أفدنة من أراضيها ليقام عليها الصرح العلمى، وأوقفت كذلك 661 فداناً من أجود أراضيها فى محافظة الدقهلية على هذا الأمر من ضمن 3357 فداناً، كانت تخصصها للبر والإحسان، وجعلت للجامعة من صافى ريع تلك الأرض حوالى 40% كل عام. الأمير عمر طوسون له العديد من المؤلفات والإسهامات والاكتشافات الأثرية. وينسب له العثور على رأس تمثال الإسكندر الأكبر بخليج العقبة، واكتشاف بقايا مدينة مغمورة بالماء على عمق خمسة أمتار بأبى قير سنة 1933.
وللأمير طوسون كتاب حول القرم مهم جدا هو: «الجيش المصرى فى الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم 1853-1855» يقول فيه:
«إن قوات التحالف العثمانى، من أتراك ومصريين وبريطانيين وفرنسيين، ألحقوا الهزيمة فى 1854 بالجيش الروسى، وكان بقيادة الجنرال منتشيكوف، فى إحدى أشهر المعارك وهى (معركة ألما)، وبعدها عاد الأسطول المصرى فى أكتوبر ذلك العام إلى الآستانة» وأثناء عودته غرقت بارجتان مصريتان فى البحر الأسود، وفقدت البحرية المصرية 1920 بحارا، ونجا 130 فقط.
القرم اليوم عادت لتتصدر الأحداث وسوف يذكرها التاريخ فى المستقبل فى كتبه.. وبما أن دماء مصرية قد سالت عليها، لذا فقد وجب التوقف أمامها.