حين عرفت بهبوط طائرة الرئيس عدلى منصور فى استاد مختار التتش بالأهلى للانتقال إلى الأوبرا.. تذكرت صالح سليم، رئيس الأهلى الراحل، حين كان جالسا فى مكتب مدير النادى.. ورفض صالح الخروج لاستقبال مبارك بعد هبوط طائرته فى نفس الملعب أيضا لزيارة الأوبرا.. وقال صالح يومها لو أن مبارك كان قادما لزيارة الأهلى لخرج يستقبله فى وسط الطريق.. لكن الأهلى تحول لمجرد مطار مؤقت أو قنطرة يعبرها ليذهب للأوبرا، وبالتالى هو ليس مضطرا لاستقباله.. وبعدها كان نهائى البطولة العربية للأندية التى استضافها الأهلى فى مارس 1995 بين الأهلى والشباب السعودى، وفوجئ صالح برجال أمن الرئاسة ومسؤولى البروتوكول يختارون مقعده فى آخر الصف، فاعترض مؤكدا أن ذلك إهانة للأهلى.. وحين اعتذر رجال الرئاسة مؤكدين عدم استطاعتهم تغيير هذا الترتيب قرر صالح الانصراف محافظا على مكانة الأهلى ورئيسه..
فإن لم يجلس رئيس الأهلى فى مكان لائق فلا الأهلى أو رئيسه سيشاركان فى هذه المهزلة.. وبعد مفاوضات سريعة ومكالمات تليفونية كثيرة وصاخبة.. اعتذر رجال مبارك لصالح الذى تم تغيير مكانه ليجلس فى مقدمة الجميع بجوار مبارك.. وقال لى صالح لاحقا إنه لم يكن يريد أى شىء من مبارك لكنه لم يكن على استعداد لقبول أى إهانة للأهلى حتى لو كانت من مبارك ورجاله.. وقبل أشهر قليلة من رحيل صالح.. خاض من جديد صداما قاسيا مع مبارك ومؤسسة الأهرام أيضا.. حين اتفق إبراهيم نافع فى واشنطن مع مبارك على إقامة مباراة بين الأهلى والزمالك لمصلحة ضحايا حادث احتراق قطار الصعيد.. ونشر الأهرام فى اليوم التالى خبرا عن هذه المباراة والاتفاق عليها.. ولم يقبل صالح ولم يوافق على أن يلعب الأهلى هذه المباراة.. ومُورست ضغوط هائلة- كنت شاهدا عليها كلها- ليتراجع صالح عن قراره..
بل كان هناك تهديد صريح بأن الأهرام سيقود حربا لتشويه صورة صالح فى عيون الناس.. وكلفنى صالح بإبلاغ الأهرام بأن الأهلى أبداً لن يلعب هذه المباراة مهما كان الثمن حتى لو أدى الأمر إلى حل مجلس صالح أو إلقاء القبض عليه، لأنه لم يأت اليوم الذى يصحو فيه رئيس الأهلى ويقرأ فى الصحف أن الأهلى سيلعب مباراة لا يدرى عنها شيئا.. وكلفنى صالح بأن أنقل رده الرسمى كرئيس للأهلى للجميع وأقول لهم إنه إذا كان حسنى مبارك مُصرا على إقامتها، فليختر أحد عشر لاعبا من مؤسسة الرئاسة يكوّن بهم فريقا يلعب أمام الزمالك فى استاد القاهرة.. وإن أصر إبراهيم نافع على هذه المباراة فليختر أحد عشر صحفيا من الأهرام يلعبون أمام الزمالك.. ولم يخف صالح من الرئاسة ولا من الأهرام ولا من أى أحد.. فأهم واجبات الرئيس فى أى مكان وأى وقت هو المحافظة على مكانة وكبرياء الكيان الذى يترأسه.. فهناك رؤساء لا يمانعون أن يكسبوا هم حتى وإن خسرت أو ماتت كيانات يديرونها.. وهؤلاء يفقدون للأبد استحقاقهم لمنصب الرئاسة ويتحولون إلى موظفين أو ديكور زائف وقبيح.