دعوة للتفكير بهدوء. مصر فيها فريق يؤيد بيع شركات القطاع العام. يُسمّون هذا بـ«الخصخصة». كلمة حظيت بسمعة سيئة. فريق آخر لا يؤيد هذه الخصخصة. الفريق الأول ضعيف. لا يمكنه أن يدافع عن وجهة نظره. السياسيون يقولون فى الغرف المغلقة ما لا يمكن أن يعلنوه. أشخاص تراهم يقولون إنهم لا يقبلون بوجود شركات القطاع العام. عندما يتولون المسؤولية يتحولون إلى اتجاه آخر. الفريق المؤيد لبقاء الشركات خطابه أقوى بكثير. يدغدغ مشاعر المواطنين. ليست لديه بدائل أو حلول. الشركات. المهم أن تبقى. المهم أن تظل موجودة. أى أحد يقترب منها يتحول إلى لص. أو متهم باللصوصية!
تأييد الخصخصة ليس جريمة. رفضها ليس جائزة. هذه اتجاهات تفكير. قناعات مختلفة. السياسى يعلن برنامجاً. يتبنى فكرة. يقبل بها الناس. يرفضها البعض. لا يحاسب على توجهه. لا يجب أن يُجرّم لأنه يؤيد الخصخصة. هى فى حد ذاتها ليست جريمة. حل اقتصادى مطلوب. التكسب من الخصخصة هو الذى يكون جريمة. لا يجب أن يحاسب من يتخذ قرار الخصخصة. يحاسب من يحقق ربحاً من وراء ذلك. من يفسد بأى طريقة. سواء من الخصخصة أو من غيرها. التفرقة بين هذا وذاك ضرورية.
بقاء الشركات العامة بهذه الحالة جريمة فى حد ذاتها. خسائر متراكمة منذ سنوات. لا أحد أدارها وحقق إنجازاً. باستثناء حالات فريدة. فترات قصيرة. ديون لا يمكن تسديدها. تأمينات لا تُدفع. ضرائب لا تُسدد. أجور تتحرك بإيقاع السلحفاة. معدلات نمو منعدمة. مستوى مهارى محدود جداً. تنافسية لا وجود لها. عشرات من المنتجات تقهر إنتاج شركات القطاع العام فى الأسواق. بقاؤها مجرد تسكيت للعاملين. الغريب أنها تقوم بتعيين المئات سنوياً. تعانى من خلل كبير فى الهيكلة وتواصل ترسيخ البطالة. عاطلون يقبضون أجراً. يتحولون إلى متظاهرين إذا اقترب أحد من مصالحهم. لا يقبلون بأى تطوير. بعد كل ذلك يتم اتهام من يطالب بالخصخصة بأنه لص!!
لن تستمر هذه الحالة. سوف يأتى جرىء ويتخذ القرار. لو لم يأت سوف تأتى لحظة وتموت كل هذه الشركات بالسكتة. لن تقوى الحكومات على ضخ الأموال فيها للأبد. الشركات خاصة أو عامة تؤسَّس لكى تربح. تحقق فائدة. إذا لم تحقق فإنها تغلق أبوابها. تتم تصفيتها. يتم دفع تعويضات للعمال. يتم بيع المتبقى من الأصول. قبل ذلك يجب أن تخضع لإعادة الهيكلة. تطوير. تدريب. حملات التسويق. استقطاب خبرات قادرة على التحريك. إذا فشل كل هذا فلا مفر من إغلاق الشركة. لاعلاقة لإدارة الشركات بالوطنية. بل بقواعد السوق. فشلت الحلول المعروفة فى القطاع العام. فلينتهِ الأمر. لا أحد يعبد الشركات كما يعبد بعض المصريين القطاع العام!!
لا تضيف هذه الشركات للناتج القومى. مصدر للمشكلات الدائمة. لا تحقق أى هدف استراتيجى. أصبحت كلها تقريباً خارج السوق. ثقافة الإبقاء عليها كنوع من الترضية لا تفيد أحداً. لا تفيد حتى العمال الذين يتظاهرون ضد من يحاول الاقتراب منها. عبء كبير. أى دراسة اقتصادية سليمة سوف تقول ذلك. القبول بالخصخصة ليس فيه أى عيب. ليس جريمة. يحقق المصلحة. إذا كان الحل الآخر مفيداً فلابد من اختباره بجدية. الإبقاء عليها لن يكون أبدياً. ضعوا جدولاً زمنياً لكل من يريد الإبقاء على الشركات. حاسبوا من يطالب بذلك بعد فترة من الوقت. لا يجب أن تحاكموا من اتخذ قرار الاستمرار فى إبقائها مؤقتاً. لا تحولوه إلى مجرم. لا تحولوا من يطالب بالخصخصة إلى مجرم. أو من يصدر قراراً بذلك.