■ لم تعد الضرائب مجرد أداة مالية محايدة لتمويل الإنفاق العام للدولة، بل أصبحت أداة ضرورية نحو تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لعملية التنمية، بل ويمكن أن تساهم فى منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للطبقات العاملة، والعديد من الفئات فى المجتمع (النساء/ الشباب/ المسنون/ ذوو الاحتياجات الخاصة... إلخ)، والنظام الضريبى عادة ما يعبر عن الفلسفة السياسية والاجتماعية التى تتبناها السلطة الحاكمة، وبالتالى التغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
فالضرائب ليست واقعة مالية فقط، بل هى واقعة اقتصادية وسياسية، ولأنها كذلك فإن اختيار النظام الضريبى الكفء العادل أو الأقرب للعدالة، يتطلب الأخذ فى الاعتبار ذلك المضمون الحقيقى للعلاقات الاقتصادية والمعاملات الناشئة عنها، والقيم الاقتصادية (المالية) المحققة.
■ ولا يتسع المجال هنا لتحليل وتقييم اختيارات النظام الضريبى المصرى منذ نشأته كنظام حديث فى 1939، ولكن فى هذا النطاق فإن أهم التغيرات التى تمت فى النظام الضريبى المصرى وتمثل تحولاً مهماً يعبر عن الفلسفة الحاكمة للسلطة السياسية فى نجاح التوجه الرأسمالى العالمى والاندماج فى السوق الرأسمالية الدولية المتجسدة فى زرع منهج الليبرالية الجديدة فى الاقتصاد المصرى وتحقق التوافق الاستراتيجى بين القوى المالية المصرية الجديدة مع الرأسمالية المالية العالمية، وفى النطاق الضريبى تم الاتجاه فى 1991 إلى تطبيق «ضريبة المبيعات» لتحقيق الحصيلة المالية السريعة لخزانة الدولة، دون النظر إلى الأعباء الثقيلة التى تقع على المستهلكين.
■ كما تم منذ 2005 خفض سعر ضريبة الدخل على الشركات، مع منح مزايا ضريبية أخرى للتكتلات الكبيرة، هذا غير خطوات سابقة تمثلت فى إلغاء الضرائب على الثروة والتركات والمعاملة الضريبية (الناعمة) للمكاسب الرأسمالية، هذا غير إلغاء التزام الأشخاص الطبيعيين بالإقرارات عن الثروة كل 5 سنوات، بما كان يتيح للجهاز الضريبى تتبع التهرب الضريبى.
■ ومن المؤكد أن النظام الضريبى المصرى بحاجة إلى إعادة هيكلة كاملة لتصحيح أهم مكوناته فى ضرائب الدخل والضريبة على المبيعات، وذلك من خلال أداتين:
الأولى: استراتيجية وتستند إلى حسابات «الفائض الاقتصادى» الناتج فى المجتمع، حيث يتم ربط التكليف الضريبى بهذا الفائض الاقتصادى بغرض عدم إهداره على الإنفاق غير المنتج وتكوين الثروات الشخصية، أو إهدار أموال الضرائب فى إنفاق حكومى بلا عوائد اقتصادية أو اجتماعية.
الثانية: إصلاحية (فى الوقت الحالى) بإجراء تعديلات مؤثرة فى نطاق النظام الضريبى القائم، بهدف إزالة التشوهات القائمة، سواء من زاوية مصادر الحصيلة الضريبية أو أسعار الضريبة أو التوجيه والحماية لصالح الاقتصاد الوطنى أو إقرار السياسة الاجتماعية لصالح الطبقة الوسطى والطبقات الشعبية، وذلك ضمن سياسات التكليف الضريبى.
■ وفى هذا النطاق يمكن عرض مقترحات تشريعية محددة، نراها كفيلة برفع كفاءة وقيمة الإيرادات الضريبية وتحقيق العدالة.
* أمين الشؤون السياسية بحزب التجمع