أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن المجالس الطبية المتخصصة سوف تبدأ الكشف على مرشحى الرئاسة، لترى ما إذا كان كل واحد فيهم يصلح، من الناحية الطبية، لأن يجلس فى موقع الرئاسة فى مصر أم لا.
والحقيقة أن هذه خطوة مهمة، وكانت مطلوبة من زمان، وأظن أنها لو كانت موجودة، فى انتخابات 2012، ما كان شخص مثل «مرسى» قد خاض السباق الرئاسى من أصله، فما رأيناه منه، فى أثناء السنة التعيسة التى كان خلالها فى القصر الرئاسى، ثم بعد أن أزاحه المصريون هو وجماعته من القصر، ومن الحكم إجمالاً إلى غير رجعة، يقول إنه شخص أقل ما يوصف به أنه غير متزن، وأن عقله ليس على المستوى الذى يجب أن يكون عليه عقل رجل يرأس دولة بحجم ووزن بلدنا، ولايزال كثيرون، داخل البلد وخارجه، يتساءلون فى حيرة إلى اليوم: كيف وصل شخص مثل «مرسى» إلى كرسى الرئاسة فى مصر، وكيف تسلل شخص، بعقليته المتواضعة للغاية هذه، إلى أهم وأخطر منصب فى الوطن؟!
غير أن المجالس الطبية المتخصصة، إذا كانت سوف تختص بالمسألة الصحية، فيما يتعلق بكل مرشح، فإن هناك مسألة أخرى لا تقل أهمية، إن لم تكن أهم بكثير من الحالة الصحية للمرشح، وهى مدى ملاءمته، من الناحية الأمنية، القومية تحديداً.
إن بعضنا يعرف أن فى إيران شيئاً اسمه «مجلس تشخيص مصلحة النظام» وهو مجلس يتولى، مع كل انتخابات رئاسية جديدة، غربلة الأسماء المرشحة، من حيث مدى توافق تفاصيل حياة كل مرشح منهم، مع اعتبارات الأمن القومى الراسخة والثابتة.
ففى كل سباق رئاسى جديد تشهده طهران، يظل مجلس تشخيص مصلحة النظام هو الغربال الأخير، إذا صح التعبير، بالنسبة للمرشحين جميعاً، ولا معقب على قراره باستبعاد هذا، أو استبقاء ذاك، من بين المرشحين، لا لشىء، إلا لأن عين مجلس بهذا المسمى تبقى دوماً على أمن البلد هناك، بمعناه الشامل والرفيع!
فإذا ما تلفتنا حولنا، عندنا، فسوف نكتشف أن مجلس الأمن القومى، الذى تشكل مؤخراً بقرار من الرئيس عدلى منصور، هو الأقرب إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيرانى، ولذلك، فإن مجلسنا للأمن القومى لابد أن يكون حاضراً، وبقوة، عند الغربلة الأخيرة لأسماء المرشحين، لأن البلد لا يحتمل أن يقفز إلى الموقع الرئاسى مغامر، أو شخص تنطوى حياته على ما يضر بالأمن القومى لنا إذا ما صار رئيساً.
أجهزة الأمن القومى، بطبيعتها، تعرف عَمن سوف يفكر فى ترشيح نفسه للرئاسة، ما لا نعرفه نحن، واعتراضها على أى منهم، حين يحدث، فإنه يحدث بناء على معلومات تمتلكها، ولا يجوز، لأسباب كثيرة، أن تعلنها على الملأ.
صحة المرشح الرئاسى قد تكون مهمة، ولكن ما هو أهم منها ألا يكون، من حيث اتصالاته، وعلاقاته، وحياته، على نقيض مع اعتبارات الأمن القومى بمعناه الأعلى.