قضيتان أساسيتان هما محور الجدل الذى ثار بعد صدور قانون انتخابات الرئاسة. القضية الأولى هى التى تتعلق بعدم جواز الطعن على قرارات اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات أمام المحاكم. والقضية الثانية هى التى تتعلق بما يمكن تسميته بـ«التيسيرات» التى منعها القانون لفتح الفرص أمام رأس المال «بما فيه الأجنبى» للتأثير فى الانتخابات!!
فى القضية الأولى: نتفهم البواعث التى كانت وراء صدور القانون بهذه الصورة. وقد قال المستشار على عوض المستشار القانونى للرئاسة، إن القانون يقلص الفترة المطلوبة للانتهاء من الانتخابات التى يستعجل الجميع إجراءها لمواجهة التحديات الهائلة، من ١٩٥ يومًا إلى ٦٠ يومًا فقط!!
أيضًا نتفهم ما قيل من أن هناك دائما فرصة للطعن أمام اللجنة العليا للانتخابات نفسها. وأن هذه اللجنة التى أبقاها الدستور بنفس تشكيلها السابق بصورة مؤقتة، تضم أكبر قامات قضائية يمثلون الهيئات القضائية مجتمعة، فكيف يكون الطعن على قراراتها أمام مَن هم أقل فى الخبرة والمكانة؟ بالإضافة إلى أن حكما سابقا للمحكمة الدستورية العليا قد أقر بأن لهذه اللجنة صفة قضائية بجانب الصفة الإدارية.
كل هذا مفهوم ولكن يبقى التساؤل: إذا كان الدستور قد أبقى على اللجنة بنفس تشكيلها السابق لتشرف على هذه الانتخابات فإنه لم ينص على إعطائها نفس الصلاحيات القديمة، وترك الأمر معلقًا على النص الدستورى بعدم جواز تحصين أى قرار إدارى.. فهل يكون الحل الآن هو اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا لبحث مدى دستورية القانون خلال فترة لا تتجاوز الأسبوع؟ وهل يكون الاتفاق الأساسى بين الجميع هو عدم طرح القضية للمزايدات السياسية، بل التصرف من منطلق أساسى وحيد هو أننا جميعا أمام عدو واحد يريد الثأر من الثورة وإعادة عقارب الزمن إلى الوراء وتدمير الوطن بكامله. وأن سد الذرائع مطلوب وأننا نريد انتخابات الرئاسة طريقا لتوحيد الصفوف فى مواجهة الأعداء، وبداية لمعركة أخرى مطلوبة بسرعة لإنقاذ الاقتصاد ومواجهة التحديات الهائلة.. بدءًا من مياه النيل وحتى لقمة العيش.
القضية الثانية الخطيرة هى التى تتعلق بالتمويل الأجنبى وتوابعه. حيث منع القانون ذلك، ولكنه اكتفى بأن تكون العقوبة هى الغرامة التى تتراوح ما بين عشرة آلاف جنيه، و٢٠ ألف جنيه!! بينما ترك القانون عقوبة الحبس فى جرائم عديدة منها عرض الرشوة الانتخابية أو قبولها والإهانة «ولو بالإشارة» لأى موظف فى لجان الانتخاب، وغير ذلك من الجرائم التى تتعلق بعملية الدعاية أو التصويت.
هل هذه دعوة مجانية لتشجيع التمويل الأجنبى المحرم لانتخابات الرئاسة؟ ولماذا نخفف العقوبة ونحن نعرف حجم الأموال التى تم ضخها داخل مصر منذ الثورة من قوى أجنبية ودول معادية وأجهزة مخابرات وتنظيمات دولية مشبوهة ومجرمة مثل تنظيم «الإخوان»؟ وهل هناك عاقل لا يدرك أن هناك مليارات سيتم رصدها.. سواء لإفساد انتخابات الرئاسة أو تعطيلها أو التأثير فى نتائجها؟!
وإذا تغاضينا عن ذلك اليوم، فماذا سنفعل فى انتخابات البرلمان، حيث الرقابة أقل، وعدد المرشحين كبير، والحدود مفتوحة، والأعداء مستعدون لفعل أى شىء لضرب إرادة الشعب وحصار الثورة؟!
ثم.. أليس من المضحك المبكى أن يكون الحد الأدنى للعقوبة على جريمة تلقى أموال أجنبية لدعم المرشحين هو عشرة آلاف جنيه. بينما أقل غرامة على الكتابة على جدران المؤسسات العامة أو المبانى الخاصة لأغراض انتخابية هى ضعف هذا المبلغ.. أى عشرون ألف جنيه.
هل يمكن أن تكون عقوبة الخيانة أقل من الكتابة على الحائط؟!