نحن اليوم على أبواب الانتخابات الرئاسية، ولم يعد يتبقى من المرحلة الانتقالية سوى الانتخابات البرلمانية، وبإجراء الأخيرة تنتهى المرحلة الانتقالية التى يتوقع أن تستغرق ما يزيد على العام قليلا، فحسب الجدول الخاص بالانتخابات الرئاسية سوف يعلن الفائز بالرئاسة فى السابع والعشرين من مايو القادم، وأتصور أن الانتخابات البرلمانية سوف تجرى فى غضون ثلاثة أشهر، ومن ثم يتوقع أن تنتهى المرحلة الانتقالية فى شهر أغسطس القادم، ومن ثم تكون المرحلة الانتقالية قد استغرقت أربعة عشر شهرًا. وإذا كانت مصر قد عبرت الأيام والأسابيع الأكثر صعوبة بعد إزاحة حكم المرشد والجماعة، فسوف تعبر ما تبقى من المرحلة الانتقالية بسهولة شديدة بعد أن تغيرت المشاهد فى الداخل وتغير الكثير من مكونات المشهدين الإقليمى والدولى. ولكن عبور المرحلة الانتقالية لم يكن أمرًا يسيرًا، بل شهد انتكاسات وصعوبات، ووصلنا إلى لحظات فارقة كان يمكن أن تؤدى إلى العصف بنظام ما بعد حكم الجماعة، نتحدث عن شهر يوليو بالكامل والذى كان يمكن أن يشهد تقلبات حادة.
نتحدث أيضا عن انسحاب البرادعى من المشهد، وما كان يمكن أن يترتب عليه من تفكك الحكومة ومن ثم تصدع النظام، نتحدث أيضا عن مرحلة ما بعد فض الاعتصامين وتزايد حدة التدخلات الإقليمية والدولية فى الشؤون المصرية.
لكن أخطر ما تعرض له نظام ما بعد الجماعة جاء من داخل الصفوف، ربما من خلايا كانت نائمة فى مؤسسات الدولة وتحديدًا القضاء والشرطة، أو خلايا تم زرعها فى سنة حكم مرسى وعادت إلى النوم بعد الإطاحة بمرسى، ولم يكن النظام فى ذلك الوقت من القوة والكفاءة بحيث يقوم بعمليات التطهير الذاتى، وكان لذلك ثمن كبير لا سيما على الصعيد الأمنى.
تبقّى عنصر آخر أتصور أنه لعب دورًا كبيرًا فى تعقيد المرحلة الانتقالية وإطالتها على النحو الذى سبب أزمات كبرى لم يكن لها داع، أتحدث هنا عن تشكيل لجنة الخبراء العشرة لتعديل الدستور، والتى استغرقت قرابة الشهرين فى إدخال تعديلات على مواد دستور ٢٠١٣، وهى التعديلات التى لم تأخذ بأى منها لجنة الخمسين، فقد استهلكت اللجنة شهرين دون مبرر منطقى، ولم يكن لما قامت به قيمة تذكر، وكان يمكن تخصيص هذا الوقت للجنة التى ستدخل التعديلات النهائية.
أيضا من بين أبرز سلبيات المرحلة الانتقالية ما شهدناه من حالة تخبط إبان إعداد قانون الانتخابات الرئاسية، فقد استغرق إعداد القانون فترة طويلة دون مبرر منطقى، وكرروا أخطاء سابقة لا داعى لها، ولعل أبرزها ما قيل عن طرح مسودة القانون للحوار المجتمعى، فقد تم طرحها بالفعل وقدمت شخصيات مصرية وجهات سياسية وقانونية إسهاماتها فى مواد القانون، وأشاد الجميع بما ورد فى المسودة من إسقاط
«تحصين اللجنة»، وبعد أكثر من شهر تم نشر مواد القانون النهائية وفيها عودة إلى مبدأ تحصين اللجنة العليا للانتخابات بحيث لا يجوز الطعن على قراراتها، بل تصبح نافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها، وهو أمر غير منطقى وغير مقبول، وغير مفيد للانتخابات الرئاسية القادمة ولا يخدم عملية التطور الديمقراطى فى مصر، لماذا التحصين؟ ولمصلحة من؟ هناك من يقول إن التحصين يهدف إلى حماية شرعية الرئيس القادم ومنع الطعن على نتائج الانتخابات على نحو يجرح شرعية الرئيس، وهو أمر غير صحيح وغير منطقى، ففى مسودة مشروع القانون الأولية كان هناك نص على حق المرشح الخاسر فى الطعن أمام اللجنة وفق ترتيب زمنى ينهى القضية فى غضون عشرة أيام، أى أن منح المرشح الخاسر الحق فى الطعن يمكن أن يتم بضوابط محددة وفى غضون فترة زمنية معقولة ومقبولة، وعلى نحو لا يجرح شرعية الرئيس القادم. عموما عبرت مصر المراحل الأكثر صعوبة من المرحلة الانتقالية، رغم كثرة الأخطاء وتعدد الخطايا.