فوجىء الأطباء بمقال بقلم الأستاذة غادة شريف تصفهم بأبشع الصفات وتدعى عليهم فيه الأطباء لا لشىء إلا لأنهم أسقط فى يدهم بعد عشرات السنين من المعاناة والصبر وبعد أن ثار الشعب على الفساد والظلم ورأوا الجيش والشرطة والعاملين بالمحاكم والنقل وغيرهم ينصفون بل يحابون، ورأوا فى نفس الوقت زملاءهم يتساقطون صرعى أسقط فى يدهم بعد أن بح صوتهم بالشكوى من شظف العيش وانعدام التعليم والتدريب وتعرضهم للاعتداءات المتكررة فى أماكن عملهم، حتى سقط منهم الجرحى بالسلاح الأبيض والطلقات النارية فى داخل مستشفياتهم، بل حتى فى داخل غرف العمليات... وصار ميناء القاهرة الجوى هو قبلتهم وأملهم الوحيد فى وضع حد لمعاناتهم، فمنهم من قضى غرضه ومنهم من ينتظر... تتعدى بالقول على من يصلون الليل بالنهار يعملون فى خدمة المرضى مقابل قروش معدودة، أو بلا مقابل على الإطلاق ويلعقون الصبر انتظارا ليوم فرج لم يأت ولن يأت بعد أن غزت الأنانية القلوب حتى صار من كان من المفروض أن مهمتهم التنوير ونشر المثل العليا، فقط لأنهم لا يعنيهم معاناة غيرهم، وفقط لأنهم لا يهمهم إلا أنفسهم.
من كان له شىء يسير من ضمير فليذهب حقا إلى المستشفيات فى غير أيام الإضراب ليرى المرضى يفترشون الغبراء ويلتحفون السماء لأيام أو لأسابيع فى انتظار دور أو استجداء لنفقة علاج أو احتياج لمريض، السيدة غادة معلوماتها القانونية لم تصل إلى أن من حق النقابات أن تحاسب أعضاءها مهما كانت صفاتهم أو وظائفهم إذا خالفوا قوانين نقاباتهم وأن الوزراء لا يزالون مواطنين، وأنهم ليسوا فوق القانون بل إنهم مسؤولون... ولأى مواطن أن يسألهم وإن خالفوا القانون العام تسألهم النيابة العامة، وإن خالفوا قوانين خاصة تتم محاسبتهم طبقا لهذه القوانين... الأستاذة غادة تعتقد أن النقابة تحاسب أعضاءها تبعا لما ينشر فى الصحف أو ينتشر من شائعات وليس تبعا للوائح وقوانين وبناء على ما يرد إليها من شكاوى جدية موثقة... معلوماتها لم تصل إلى أن الأطباء الذين لا يملكون العيادات يمثلون ما يقرب من 70% من الأطباء، وأن هناك تخصصات بالكامل ليس لها عيادات ولا تمارس إلا فى المستشفيات وأن 40% من الأطباء يعملون فى مستوصفات بأجر 10 جنيهات أو أقل وهو عشر أجر أى عامل يدوى فى الساعة الواحدة هذه الأيام... ونحن ندعو هؤلاء أن يتنازلوا عن بضعة آلاف من راتب كل منهم دعما لمصر فى هذه الظروف العصيبة لا أن يطلبوا ممن يتقاضون أجرا لا يكفى تكلفة انتقالاتهم من وإلى العمل أن يستمروا فى العمل بالسخرة خلافا لكل دستور وقانون...
ليس الأطباء من أدمنوا الثورة لكن من يريد أن يستمر فى استعباد الأطباء وتسخيرهم للعمل بلا مقابل هم الذين أدمنوا الفساد والأنانية والنفاق... الأطباء الذين لا يضربون هم الذين لا يعانون... أما من يضربون وهم عشرات الآلاف فقد فاض بهم الكيل ونال منهم اليأس من معاملة الحاكمين والمحكومين... إن الذين يظنون أن نقابة الأطباء ستظل مجرد جسد بغير روح تئن لآلام أعضائها وتنتفض للدفاع عنهم فهو ظالم وجاحد ... أستطيع أن أطلب من زملائى الأطباء أن يقبلوا العمل براتب رمزى 700 جنيه شهريا احتراما لأحوال مصر الاقتصادية فقط، إذا اتفقنا أن نتحملها جميعا وأن يكون أقصى دخل لأى موظف يعمل بمؤسسة تابعة للدولة لن أقول مساويا... فقد تعودنا أن نضرب المثل فى التضحية من أجل هذا الوطن... بل سأقول خمسة أضعاف ما يحصل عليه الطبيب... أرونى من يوافق من هؤلاء المواطنين الشرفاء الناصحين.... أيها المارون بين الكلمات العابرة... اجمعوا أسماءكم وأوراقكم وانصرفوا... وبيننا وبينكم القضاء يرد عنا سهامكم المسمومة وكيدكم الأثيم ويحفظ لكل طبيب حقه وكرامته... فالأطباء أصبح لهم نقابة!