السكن ليس عملية ترفيهية، بل هو أحد عناصر الكرامة الإنسانية التى خرجت الثورة من أجلها، ونحن بخلاف دول كثيرة، لدينا وزارة للإسكان، ولدينا الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، ولدينا بنك الإسكان، ولدينا، أجهزة المدن، وجهاز تعمير المدن الجديدة، كل هؤلاء من أجل إسكان المصريين، وتهيئة الأجواء المناسبة لسكنهم.
تحدثت قبل ذلك عن النصب، وذكرت أن أكبر عمليات النصب تتم فى قطاع العقارات، وتحدثت أنه يجب أن تكون هناك أرقام قومية للمساكن، تتم بناءً عليها نقل الملكية فى يسر وسهولة.
أحد أقربائى طلب منى البحث له عن وحدة سكنية فى مدينة السادس من أكتوبر، لوجود الجامعات الخاصة بها، وأنه من المؤكد أنه سيحتاج إليها فى المستقبل، عشان مايتشحططش ابنه أو ابنته فى الشقق المفروشة، ولعلمى أن النصب العقارى يملأ البلد، انتهزت فرصة إعلان بنك الإسكان الخاص بالدولة عن مشروع جديد سيبدأ الحجز به، فذهبت هناك لأسأل عن الآلية والأسعار وخلافه، وانتزعت رقما من الماكينة الخاصة بالانتظار وانتظرت وقتًا حتى أجلس مع الموظفة المختصة، فى النهاية، المساحات من 120 إلى 180 مترا، سعر المتر كان مكتوبا عليه 2850 وتم شطبها بالقلم لتستبدَل بها 3150 سعر المتر نصف تشطيب (على المحارة) هذه أسعار الدولة، بمعنى أن الشقة التى مساحتها 180 مترا سعرها 693 ألفا يعنى بـ700 ألف تقريبًا.. يا بلاش! يعنى بعد التشطيب حتوصل 800 ألف جنيه، وعلى فكرة الشقة يادوب 3 غرف، وصالة، يعنى الجوازة تقف بمليون جنيه.
هنيئًا للشباب وللثورة..! وبعدين تملوا الشاشات فتاوى، بأن الجواز العرفى حرام، يعنى المليون جنيه هو ده اللى حلال!مع العلم إن هى دى أسعار الحكومة، كان المواطن المصرى زمان يذهب إلى الخليج أربع سنوات للإعارة، فى سنتين يكون بنى العمارة، وفى السنتين الباقيتين، يكون اشترى العربية وعمل وديعة فى البنك، أما فى هذا الزمن، إن وفق الله الشاب للذهاب إلى إحدى دول الخليج، فأمامه عشر سنوات كحد أدنى عشان يعرف يجيب شقة، عشان يعرف يتنيل يتجوز (طبعًًا حاجة نيلة، لما الشاب من دول يتغرب بعيد عن بلده 15سنة من 25 سنة حتى 40 سنة، حتى يستطيع الزواج، فى ظل نظام الكفيل.. هه، بعد أن يكون فقد كل طاقته الشبابية، وكل حماسه العاطفى، ويقضِّيها من ليلة الدخلة فياجرا) عشان شوية محتكرين وحكومة رخوة متواطئة أو متآمرة مع هؤلاء المحتكرين وتجار الأراضى الذين كانوا مليونيرات وأصبحوا ملياديرات، على دماء هؤلاء الشباب المعذَّب.
فين المشكلة؟
ماذا تعنى الشقة؟ الشقة تعنى:
1) أرضا ذات بنية تحتية. 2) أيدى عاملة. 3) حديدا. 4) أسمنتا. 5) باقى اللوازم من نجارة وكهرباء وسيراميك وخلافه.
أولًا- الأرض: المفروض إن عندنا أراضى صحراوية كثيرة وممتدة حتى ليبيا غربًا، وصحراء شرقية تصل إلى البحر الأحمر، لا ينقصها إلا تخطيطها من قبل الدولة وتجهيز البنية التحتية لها، ويبدو أن الدولة غير جادة فى هذا الأمر، لتعطيش السوق، ليستطيع الأثرياء الذين أَثْروا من خلال العقارات فى العقدين الماضيين أن يستمروا فى مسلسل نهب هذا البلد وبيع متر الأرض بألفين وثلاثة آلاف وقد اشتروها بـ5 جنيهات للمتر، والدليل أن الدولة من خلال بنك الإسكان تبيع بأسعار أعلى من القطاع الخاص، على أساس أنها الدولة واحمد ربنا إنها مش حتسرقك (بس ممكن تأخّرلك الوحدة 5 أو 6 سنين فقط)، لأن البنية التحتية لا تتعدى تكلفة المتر 200 جنيه. وعلى فكرة بأسعار القطاع الخاص الحالية فإن نصف تكلفة المتر هى سعر الأرض.
نأتى لمشكلة الحديد والأسمنت، فقد بُحّ صوت الاقتصاديين بأن هناك عمليات احتكار تتم، ولا بد من تدخل الدولة لحل هذه المشكلة، وقالوا إن تكلفة طن الأسمنت لا تتعدى الـ280 جنيها، والذى وصل الآن لـ800 جنيه، وقد ارتفع من 600 جنيه لـ800 جنيه خلال شهر واحد، هذا اللغز المحير الذى يحتاج إلى تفسير، يا سيادة رئيس الوزراء، والنبى لتشرب ميه معدنية ونسكافيه على حساب الدولة مش مشكلة، بس تحل لنا هذا اللغز، نكمل غدًا إن شاء الله.