هذه وغيرها هى أسماء أولادنا الملقَى بهم فى غياهب السجون وسيظلون لسنوات قادمة. جريرتهم أنهم نظموا وقفة لخالد سعيد فى يوم 2 ديسمبر الماضى، مخالفين المدعو قانون التظاهر(أحدهم، إسلام، كان مارًّا بالصدفة على طريقة إحنا بتوع الأوتوبيس). هم من شباب هذا البلد أصحاب الحلم بها وفيها، هم شبابها الذين تدين مصر لهم بالفضل، لأنهم غامروا بأنفسهم وأعمارهم ونور أعينهم، وفى كل مرة لا يخافون ولا يترددون، بينما يحلو لنا نحن أن نتفرج عليهم ونتسلى بنقدهم وتقييمهم، بل والتريقة عليهم من داخل أمان بيوتنا، كل ذلك لكى ترى مصر مستقبلا أفضل يومًا ما، ولكن حكومة مصر وكالعادة لها طريقة غريبة فى رد الفضل! ثورة 25 يناير 2011، تلك التى تتلقى فى هذه الأيام سيول الشتائم واللطمات على وجهها الحبيب ممن لا يخافون إلا على ثرواتهم والبزنس بتاعهم، يشتمونها ويعيشون بعد ذلك أحرارًا سعداء، بل ويتغنون بحب مصر كمان، بينما ثوارها العشاق المخلصون الغلابة بتوع العيش والحرية يدفعون غرامة خمسين ألف جنيه، ووعد سنواتهم القادمة هو شىء واحد، السجن !
لا أعرف حقا كيف يمكن لدولة أن تنجح فى صنع مستقبل أفضل لنفسها إذا كانت تبدأ بقمع وقهر هؤلاء الذين منحوها الفرصة فى ذلك المستقبل من لحمهم الحى؟ كيف يمكنها أن تنجح بغير هذا الغطاء الأخلاقى؟ نصب الشهداء المقيت الذى يتوسط ميدان التحرير، نصب الببلاوى الذى يتحدث عن عظمة شهداء الثورة، بينما هم فى نظر قانون التظاهر مجرد مجرمين يستحقون السجن، لولا أنهم لم يعيشوا ليروا هذا اليوم، فقد فعلوا ذات ما فعل هؤلاء المسجونون، محامون وشعراء وكتاب وأصحاب رأى، لا تفرق الدولة بينهم وبين تجار المخدرات ومهربى السلاح، ولو كان هذا القانون الوضيع ساريًا فى عهد هؤلاء الشهداء لاستحقوا السجن والغرامة، لا التكريم.
أىّ ازدواجية وأىّ نفاق؟ لكنها الدولة التى تتغنى بالشباب، تكرم أمواتهم وتسجن أحياءهم، ولو كانوا على قيد الحياة كان زمانهم هم أيضا فى السجن، الشيخ عماد عفت، الدكتور علاء عبد الهادى، جيكا، مينا، كريستى وكل شهداء ثورتنا ومجرمى هذه المرحلة! هو اختيار واضح.. عش نسجنْك، مت نكرمْك! لا أصدق أنه وبعد عامين من ثورة قامت بالدمع والدم والألم والمرارة وحدقات الأعين أنى سوف أضطر إلى كتابة الجملة التالية. وقفات خالد سعيد التى حدثت فى عهد مبارك لم تكن مهددة بمثل هذا المستوى من القمع والبطش الذى نراه الآن. ووصيتى لحكامنا أن يكونوا صادقين مع أنفسهم، وأن ينقلوا فورًا ذلك النصب الأجوف من ميدان التحرير إلى ساحة مدخل سجن الغربانيات، حيث يقبع الآن الشاعر عمر حاذق مسجونا لعامين. وأقترح أن يكتب تعديل بسيط على ذلك النصب، تعديل يقول تكريمًا لشهدائنا الناجين من قانون التظاهر، والذين أنصفهم الموت من قوانيننا ومنا.