لن أكرر كلمات كتبتها قبل ذلك عن احترامى الكبير لأستاذنا فهمى هويدى فقد كتبتُ كثيرا فى هذا المكان عن الاختلاف فى الرأى بين كاتب كبير له مكانته الكبرى وكاتب محب له وكان مؤمنا بآرائه وتحليلاته والآن وجد نفسه فى صف المعارضين لهذه الآراء وتلك التحليلات!
طالعنا الأستاذ هويدى يوم الخميس الماضى فى عموده الشهير بتعليق هام وليس صادمًا لأننا تعودنا منه منذ ثورة يناير تلك التعليقات التى تصبُّ دائما فى مصلحة وخدمة الإخوان وأعضاء تيار الإسلام السياسى فى مصر والعالم.
الأستاذ يعلق على قرار إحدى المحاكم المصرية باعتبار منظمة حماس الفلسطينية منظمة إرهابية وحظر نشاطها فى مصر والتحفظ على مقراتها وأموالها.. ويتحدث الأستاذ عن أن مصر خسرت كثيرًا من وراء هذا القرار، ويؤكد أن حماس لم تخسر شيئا من وراء القرار وهذا شىء يدعوا إلى الاستغراب والدهشة.
كيف حماس لم تخسر شيئا؟ يعنى حماس لا تشعر بأى خيبة أمل أو أى خسارة سياسية فى أن يكون أكبر بلد عربى على الساحة السياسية حتى فى الوقت الحالى تعلن من خلال قضائها أن حماس منظمة إرهابية حتى ولو اشتركت فى هذا الرأى مع دولة إسرائيل، ويفاجئنا أستاذنا الكبير برأى غريب وعجيب يحتاج إلى وقفة كبيرة وهو أن حماس لم يثبت عليها تدخل فى الشأن المصرى قبل ثورة يناير ولا بعدها... شىء مفزع وغريب كيف لا يصدق الأستاذ هويدى تلك الاعترافات المدوية التى نشرتها الصحف التى يهتم الأستاذ فهمى بقراءتها والتعليق على ما تنشره؟ وكيف يمكن أن ينسى اعترافات المتهمين المضبوطين فى قضايا الإرهاب وبالأخص فى تفجير مديرية أمن المنصورة وتدريب القائمين على ذلك فى غزة تحت إشراف قادة حماس وتحت إشراف وزير الداخلية فى الحكومة المقالة «كيف؟.. لا أعرف» كيف للأستاذ هويدى أن يحاول أن ينسى أن كثيرًا من الأسلحة التى تم ضبطها فى سيناء كانت غزّاوية وعليها شعار القسام كيف للأستاذ هويدى أن ينسى المظاهرات العسكرية الإرهابية التى قامت بها كتائب القسام ونقلتها وكالات الأنباء والمشاركون بها كانوا مدججين بالسلاح رافعين شعار رابعة، ما معنى ذلك عند الأستاذ فهمى؟
عندما يتم ضبط أسلحة وخطط عسكرية لتفجيرات مع متسللين فلسطيينين جاؤوا من الأنفاق هل هذا يدل على أن حماس لم تتورط فى الصراع الداخلى فى مصر؟ الآن ومنذ فترة ليست قليلة يُنظر أمام المحاكم المصرية عدد من القضايا المتهمون فيها ليسوا قلّة من القيادات الحمساوية ماذا يعنى ذلك بالضبط؟.. الأنفاق التى لا يختلف عليها اثنان فى مصر أنها مصدر قلق أمنى ومصدر للإرهاب فى مصر ووجودها وتأثيرها على الأمن القومى المصرى.. هل هذا يحتاج إلى شهادة من أحد؟!
أجواء التسمم والكراهية التى يتحدث عنها الأستاذ فهمى الذى صنعها وقدمها إلينا هم قيادات حماس بانحرافهم المباشر عن الأهداف التى قامت من أجلها لتتحول البنادق والقنابل من إسرائيل إلى القاهرة، الأستاذ فهمى يقول إن الحكم القضائى يحول منظمة مقاومة للعدو الإسرائيلى إلى منظمة إرهابية وأنا أتساءل هنا وأظن وأزعم أن كثيرين يتساءلون أين هذه المقاومة التى يتحدث عنها الأستاذ؟ أين قنابل وطلقات حماس على العدو الإسرائيلى؟ أرجو أن يذكر الأستاذ متى آخر طلقة ضربتها حماس ضد إسرائيل معلوماتنا أن حماس وجيشها يحميان العدو الإسرائيلى على الحدود معه بل يقبض ويضرب أى مواطن فلسطينى يحاول أن يقاوم العدو برفع السلاح ضده! إن اتهام الإعلام المصرى بأنه وراء شيطنة حماس كلام يفتقر إلى الموضوعية لأن الإعلام ما هو إلا مرآة للأحداث.. عندما يتم القبض على إرهابيين من حماس ومصر ويعترفون أنهم يقومون بأعمال إرهابية ضد مصر والمصريين ماذا يقول الإعلام عن ذلك؟ عندما تنتهك السيادة المصرية وتهاجم السجون وتخرج قيادات حماس والإخوان بالقوة منها.. ماذا يقول الإعلام عن ذلك؟ هل يقدم لهم التحية والإجلال على خرق الأمن القومى المصرى واستباحته! نحن نطالب بالعدل فى الرؤية وأن لا نجنَح..!
القضية الفلسطينية خسرت كثيرا وكثيرا من جراء هذه التصرفات العدوانية من حماس وقادتها، ونحن نعلم ذلك جيدا وأكبر خسارة لها فقط الظهير المصرى وأظن أن الأستاذ فهمى يعلم جيدا أن الدولة ليست وحدها التى تعرفت على حقيقة حماس وبدأت تغير سياستها معها بل الشعب بكل فئاته الآن علمَ الحقيقة وشعر بخيبة أمل فى حماس وقادتها بعد أن قدم لهم طوال حياته كثيرا وكثيرا، ومحاولة إيهام الناس أن وراء ما يحدث لحماس يأتى جرّاء صفقة خارجية بالتعاون مع البعض فى الداخل لشيطنة حماس لمصلحة إسرائيل هو كلام يفتقر إلى التحليل السياسى المنضبط، كلام إخوان مسلمين لا يعرف طريق الوطنية بل يبحث عن أسباب عقائدية عقيمة كتب التاريخ عنها، عن أساليب قمعية لا تمت للدين بشىء.
محاولة التشكيك فى حكم القضاء المصرى لن يثنيه عن التصدى لمحاولات خرق الأمن القومى المصرى، ومصر كبيرة طول عمرها ووقفت بجانب القضية الفلسطينية وستظل وسيكتب التاريخ أن ما تفعله حماس أكبر ضربة فى جسد القضية الفلسطينية.