زيارة إلى «إبرة الفضاء».. ومركز «تأديب ضباط الشرطة»
الذهاب إلى جزيرة «باين بريدج» يتمّ عبر «تايتانيك» مصغَّرة
مكتب المساءلة المهنية يتلقى 500 شكوى سنويًّا من المواطنين تتهم رجال شرطة سياتل بالفساد أو استخدام العنف
برج «إبرة الفضاء» ارتفاعه أقل من برج القاهرة بثلاثة أمتار.. زاره منذ تأسيسه
أكثر من 45 مليون سائح «إبرة الفضاء» فى قلب سياتل.. يكشف المدينة والمحيط
الأسعار فى سياتل أرخص مقارَنةً بواشنطن.. وأكثر المنتجات انتشارًا الصينية ثم المكسيكية
الغضب الشعبى منع الشرطة من تركيب كاميرات فى الشوارع بسبب «انتهاك الخصوصية»
كعادة أهل أمريكا فإن يوم الأحد إجازة مقدَّسة، لا استثناءات ها هنا للوافدين، إنه «الويك إند» لكل الموجودين على أرض الولايات المتحدة، إذن اليوم، لا محاضرات، لا لقاءات مع سيناتور تعزمك على الغذاء على حسابك، لا سفر إلى قرى أو مدن مجاورة.
بعض الزملاء العرب اقترح تنظيم زيارة لمصنع بوينج الموجود على أطراف سياتل، الفكرة مغرية جدًّا، لكن اتضح أن الموضوع يحتاج إلى ترتيبات معقدة، واستيقاظ مبكر، ثم إن المصنع يغلق أبوابه أمام الزائرين فى الرابعة عصرًا، ونحن الآن بعد الظهيرة بنحو ساعة، وقد استيقظ معظمنا على راحته، بعدما تَحسَّنَت حالة الجوّ وصار المشى فى الشوارع ليلًا أمرا مقبولًا بعد أن كان يتماسّ مع مرحلة التجمُّد.
بتنسيق مبيَّت مع أصدقائنا المغاربة العاملين فى الفندق، أصبح البديل الوحيد لهذا اليوم هو التسوُّق فى مول كبير يبعد عن قلب سياتل مسيرة أوتوبيس وتاكسى. نشطت الغدد التسوُّقية لدينا، وتحفزت الدولارات الباقية فى جيوبنا وقد شارفت الرحلة على الانتهاء، سنشترى ملابس وتذكارات وهدايا من أمريكا. يا للسعادة!
من أمام «ستاربكس» المجاور للفندق، استقللنا الأوتوبيس المتجه إلى أطراف المدينة. «ستاربكس» هنا أكثر من محلات الفول والطعمية فى مصر، والأوتوبيس صوت موتوره مزعج وغير مريح فى جلسته بدرجة أقل نوعا من الأوتوبيسات التى تمر صباحًا ومساءً فى شوارع القاهرة، لكنه أقل ازدحاما قطعا (تَخيَّل كنا عشرة صحفيين عربًا وكلنا جلسنا على كراسى!). استغرقت الرحلة نحو 50 دقيقة حتى وصلنا إلى محطة قطارات خارج المدينة، ومن هناك كان الدور على التاكسى، كان من نصيبنا سائق إثيوبى مهاجر، يتحدث العربية بدرجة جيدة، رحّب بنا فور أن تَعرَّف على ملامحنا، وفى الطريق إلى المول أخبرنا أننا على بعد مسيرة ربع ساعة من الحدود الكندية. للأسف لم يكُن لدينا وقتا لتجريب مغامرة التسلل إلى كندا وطلب حق اللجوء الإنسانى.
فور الوصول إلى المول، كان واضحا أننا سنتفرَّق كلٌّ على هواه وهوسه الشرائى، اتفقنا على اللقاء بعد ثلاث ساعات فى مدخل المول «عند النافورة اللى واقف عندها طفلين»، كما تطوعت لتمييز المكان على الطريقة المصرية الشهيرة، ثم انطلق كل واحد منا فى حماسة المقاتلين لـ«يفرتك» آخر ما يحمل من نقود.
المول ممتدّ سطحيًّا على مساحة كبيرة، وبارتفاع طابقين فحسب، أشبه بـ«مول العرب» إذا ذهبت ذات يوم إلى هناك، النصيحة من مترجمينا العرب الأعزَّاء منذ وصولنا إلى واشنطن، أن انتظروا حتى نذهب إلى سياتل لتشتروا ما تريدون، الأسعار تكون أقلّ بكثير مقارنة بالعاصمة، ونيويورك وجهتنا الأخيرة. بعضنا لم يقاوم طبعًا، وباندفاع الغرباء تَبضَّع من واشنطن وتشابل هيل، لكن الأسعار فى المول هنا بالفعل كانت أقلّ كثيرًا. التخفيضات المستمرة طوال العام تصل أحيانا إلى 75%، المنتجات الأمريكية الصرفة ليست بكثيرة، ما يتفوق عليها هو منتجات دول باقى القارة الأمريكية مثل المكسيك وجواتيمالا تحديدًا، أما المنتجات الصينية فهى الأكثر انتشارًا تمامًا كما يحدث فى مصر، مع فارق واضح فى الجودة والسعر لصالح المنتجات الموجودة فى السوق الأمريكية قطعًا. مفهوم طبعًا أن المواصفات هنا صارمة ولا يمكن عرض منتجات صينية «مضروبة»، لكن المشكلة الرئيسية التى واجهتنا هى كيف نقنع الأقارب والأصدقاء بأن هذا القميص أو البنطلون من أمريكا رأسًا وجودته فائقة واشتريناه بالدولار، رغم أن عبارة «made in china» تتألق عليه تمامًا مثل أى بنطلون تشتريه من «أبو ولاء» الذى يفرش بضاعته على الرصيف فى العتبة أو طلعت حرب؟
بعد ثلاث ساعات بدأت الوفود العربية فى الوصول إلى النافورة إياها وقد غادرها الطفلان، واستغرق الأمر نحو ساعة رابعة حتى التأم شمل الجميع وبدأنا رحلة العودة، مودعين أسواق سياتل والحدود الكندية المجاورة.
فى اليوم التالى عاد الجدول للازدحام مجدَّدًا، والبداية كانت فى الصباح الباكر، بزيارة إلى «OPA» (مكتب المساءلة المهنية) فى شرطة سياتل، هذه فكرة أمريكية محترمة أخرى جديرة بالرصد والغيرة والنقل. وتقوم على وجود مكتب مستقلّ لاستقبال الشكاوى من سوء سلوك رجال الشرطة ليحقق فيها، الاختلاف هنا عن أى إدارة تحقيق فى المخالفات من تلك الموجودة فى مصر بوزارة الداخلية أو نظيرها فى البلدان العربية، أن رئيس مكتب المساءلة فى جهاز الشرطة، مدنى لا أحد الضباط الموجودين بالخدمة، مما يقلِّل فرصة «مجاملات أصحاب الزِّىّ»، ويعطى مساحة أكبر من الاستقلالية فى العمل. الأمور ليست مثالية قطعًا، لأن من يبحث عن «يوتوبيا» يتفضل يروح يعملها فى المريخ أو القمر، الأرض هناك بور وبِكْر وتخلو من سلوكيات البشر القبيحة، لكن الأصل هنا دوما هو وضع قواعد يمكن الاستناد إليها لتحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة.
مقرّ شرطة سياتل أنيق ومبهج وهادئ ويُوحِى بأننا نزور مكتبة للقراءة العامة، واجهة المدخل مزدانة بأسماء رجال الشرطة فى المدينة الذين قُتلوا فى أثناء تأدية واجبهم، إجراءات الدخول طبيعية وتتمّ بلطف. لاحظنا أنه يتم مع جميع الوافدين لا معنا فقط باعتبارنا صحفيين أجانب، هذا أمر يستدعى فى ذهنك على الفور شعورك وأنت متوجه إلى قسم الشرطة المجاور لبيتك لاستخراج البطاقة الشخصية. لا تخَفْ، لن نسترجع الذكريات المؤلمة أكثر من ذلك.
فى قاعة الاجتماعات الرحبة التقينا بيرس مورفى، مدير مكتب المساءلة المهنية، وهو فى أواخر الخمسينيات من عمره، مرح وذو حضور طيب، من أصول يونانية واضحة على ملامحه وشعره الأبيض، ولهذا بادر بعد أن رحب بنا بأن قال «OPA» بطريقة خفيفة الظل، مشيرا إلى العلاقة بين اختصار «مكتب المساءلة المهنية» والكلمة ذاتها التى تقال باليونانية تعبيرًا عن السعادة، مضيفًا «عندما تعمل بجد، يجب عليك أن تمرح».
مورفى يعمل فى المكتب منذ 13 عامًا، هو ضابط شرطة سابق عمل بالخدمة 12 سنة خارج ولاية واشنطن قبل أن يستقر به الحال فى سياتل. تعيينه فى منصبه هذا يأتى بقرار من عمدة سياتل مباشرة. هو الآن موظف مدنى، لكنه محسوب إداريا على موظفى جهاز الشرطة. ولخص مهمته فى «التأكد من أن كل شكوى يتم التحقيق فيها بشكل عادل ومنصف وموضوعى، وتقديم التوصيات لإصلاح الأخطاء، وتحسين العلاقة بين الشرطة والمواطنين».
جاءت الشكوى إلى المكتب، فمن يحقِّق إذن؟ سألنا مورفى فردّ «فريق تحقيق يرأسه نقيب شرطة ويضمّ ملازمًا وستة ضباط آخرين»، إحم. من يحقِّق هم رجال الشرطة أنفسهم. ألم نقُل لكم أن «يوتوبيا» هناك فوق فى المريخ؟!
يستقبل المكتب نحو 500 شكوى سنويًّا من المواطنين بحقّ رجال الشرطة، الرقم قد يبدو كبيرًا للبعض، لكن مورفى يتحدث عن أن «إساءة استخدام نفوذ الشرطة مشكلة عالمية»، ثم أن نصف هذه الشكاوى فى نهاية الأمر يتضح أنه «سوء سلوك غير متعمد» ونصفها الآخر يتعلق عادة باستخدام العنف مع المواطنين أو سوء استخدام الممتلكات. يستغرق التحقيق فى الشكوى الواحدة من ثلاثة إلى ستة أشهر، هذا يدفعهم إلى العمل فى نحو 24 قضية بالتوازى فى وقت واحد، لا يتم الكشف عن أى معلومات خلال التحقيق، مع التشدد فى عدم تسريب أى تفاصيل للصحافة على أن يصدر تقرير كل ثلاثة أشهر يضم ملخَّصًا للقضايا التى باشرها المكتب. عند الانتهاء من التحقيق وثبوت ارتكاب الضابط لمخالفة، تتخذ إدارة الشرطة العقوبة المناسبة، ومن حقّ الضابط استئناف هذه العقوبة، الأمر الذى قد يستغرق وقتًا طويلًا، يمارس فيه الضابط عمله بلا عقوبة. هذا يسبِّب إحباطًا طبعًا للمواطنين المتضررين. هل مرت علينا هذه القصص من قبل؟
يتدخل مارك جيمسون، وهو أحد الناطقين باسم شرطة سياتل، ليوضح أبعاد المشكلة: «ضباط الشرطة ليسوا مثاليين، وأن تجد الشخص المناسب فهذه مسألة صعبة جدًّا. الفساد موجود فى كل القطاعات، وهذا أمر طبيعى. بعض القضاة هنا يشترون مناصبهم مقابل 200 ألف دولار. ويجب أن أعترف بأن عاملَى الدين واللون مؤثران بقوة فى عملية التحقيق. التحدى هو أن نكون منصفين فى التحقيق مع الضباط». شكرًا سيد جيمسون. يبدو أننا جميعا بحاجة إلى الهجرة إلى المريخ.
كان من الصعب أن نكون فى شرطة سياتل دون أن نسأل عن قضية كانت آثارها لا تزال تشغل الناس هناك، وتتعلق بنشر كاميرات مراقبة فى الشوارع لضبط الأمن. فى منتصف عام 2013 استيقظ أهل سياتل ليجدوا كاميرات مراقبة موجودة فى عدد من الشوارع التى يمرون بها. الكاميرات لم تكن تعمل، لكنها جاهزة لذلك. غضب القطاع الأكبر من المواطنين واعتبروا أن هذا انتهاك فاضح لخصوصيتهم «خصوصيتهم فى الشارع.. واخد بالك انت؟»، جاء دور الصحافة لتتبنى موقفًا رافضًا لنشر الكاميرات فى الشارع، وتكون رأيًا عامًّا مناهضًا، وصل صداه إلى مكتب العمدة. المجلس البلدى للمدينة كان فى طريقه لتوقيع اتفاقية لنشر الكاميرات فى كل شوارع المدينة، بعدما بدأها بعدد محدَّد من الشوارع فحسب. أمام حالة الرفض الشعبى المتزايد قرر عمدة سياتل وقف المشروع، ولم يوقع المجلس البلدى الاتفاقية، وبقيت هناك عدة كاميرات لا تعمل موجودة فى الشوارع دليلًا على انتصار أهل سياتل على «الأخ الأكبر» الذى كان يريد أن يراقبهم.
كـ«ضابط شرطة سابق»، رأى مورفى أن الموضوع أكبر أخذ أكبر ممَّا يستحق، وكـ««ضابط شرطة سابق» رأى مورفى أن تقريرًا غير دقيق نشرته صحفية صغيرة عن إمكانية استغلال هذه الكاميرات بما يجور على خصوصية المواطنين هو الذى صنع المشكلة، وكـ«ضابط شرطة سابق» كان مورفى قادرًا على الدخول فى جدل لا ينتهى عن العلاقة المتشابكة بين الأمن وحرية الأفراد قبل أن يلخِّص فلسفته فى عبارة موجزة كما يفعل نجوم هوليوود فى أفلامهم «من الأفضل للشرطة دوما أن تكون حريصة على قول الحقيقة».
فى المساء، كان علينا أن ننقسم فى مجموعات من جديد، لنزور واحدة من الأسر الأمريكية. نصيبى هذه المرة جاء على شرف أسرة «دون ميريك» وزوجته السيدة «كمبيرلى»، بدا أن الرحلة ستكون مختلفة ومثيرة لكون أن الأسرة التى عزمتنا على العشاء هذا المساء تسكن فى جزيرة «Bainbridge»، المواجهة لسياتل وفى قلب المحيط، كيف سنذهب إلى هناك؟ سنسير نحو 20 دقيقة من الفندق حتى نصل إلى ميناء المدينة الذى يتحرك منه كل نصف ساعة تقريبًا مركب ضخم (عيب أن نسمّيه معدية مقارنة بما هو موجود فى بورفؤاد» يتجه إلى الجزيرة.
التذكرة ذهابًا وإيابا بثمانية دولارات تكفلت بها الخارجية الأمريكية مشكورة، لكن الموضوع يستحقّ ما هو أكثر، المركب من الداخل مجهَّز كفندق جيِّد، مقاعد مريحة، مطاعم ومحلات، إعلانات ضخمة (قابلنا هناك إعلانًا لطيران الإمارات... تَخيَّل!»، واجهة باهرة فى مقدمة المركب تطل منها على المحيط الهادر، وفى الأسفل، تتراصّ سيارات وأوتوبيسات ودراجات العائدين من أعمالهم إلى منازلهم.
الرحلة فى قلب المحيط تستغرق نحو 35 دقيقة، مع المطر الخفيف الذى كان يتساقط، شعر كثيرون منا ونحن نقف فى مقدمة المركب بأنهم «ليونادردو دى كابريو» فى فيلم «تايتانيك»، وكان عليه أن يبحث فقط عن «كيت وينسلت». كانت أضواء ناطحات السحاب فى سياتل تبتعد، والمحيط غامض ومتسع بلا نهاية، أجواء تصلح لتصوير أفلام سينمائية فريدة.
عندما وضعنا أقدامنا على الجزيرة كان فى انتظارنا مضيفنا بسيارته كالمعتاد، ليقودنا فى جولة حتى منزله بالسيارة، فى شوارع منظمة وأنيقة يكسوها اللون الأخضر. تبدو الحياة هنا فى باين بريدج أكثر رحابة ونعومة وإنسانية من سياتل، لا عجب إذن أن هذه الجزيرة اختارتها «CNN» كثانى أفضل مكان للحياة فى أمريكا عام 2005.
Bainbridge، هذا المكان الجميل، كان مركزًا لاعتقال اليابانيين فى الحرب العالمية الثانية، موسم الهجرة اليابانى إلى هنا بدأ بالأساس عام 1883، الوجود الآسيوى متجذر إذن، لكنها قواعد الحرب المجنونة كما تعلم التى تجعل الغرباء جواسيس محتمَلين حتى لو كانوا يعيشون معنا منذ عشرات السنوات. الجزيرة ديمقراطية حتى الثمالة، وجمع أوباما من أهلها نحو 77% من الأصوات فى الانتخابات الرئاسية عام 2004.
صديقنا دون، أوصلَنا إلى منزله فى سرعة، وهو بيت أمريكى تقليدى لطيف كما توقعنا، رحبت بنا زوجته وابنته «حنا» بألفة أمريكية اعتدناها، وعرفنا لاحقا أن الابنة تريد تعلم اللغة العربية، لكنها لا تتكلمها ولا تفهما مُطلَقًا حتى الآن. على مائدة العشاء تَعرَّفنا إلى جارين للأسرة ينافسانهما فى الحضور الإنسانى اللطيف، السيد فيك وزوجته، مهتمان بالشرق الأوسط ومصر تحديدًا، لسبب بسيط هو أن ابنتهما ماجى تعمل مراسلة لـ«رويترز» فى القاهرة.
هكذا انقلب الحوار كله إلى مصر وسياستها وأهلها، والقلق على الابنة بسبب توتر الأجواء فى مصر. كنا حينها فى ذروة العنف الإخوانى عقب عزل مرسى بنحو خمسة أشهر والقلق كان مبرَّرًا، والمرء لا يملك غير طمأنة عابرة غير حاسمة. قرأ السيد فيك كتاب «تاكسى» لخالد الخميسى مترجَمًا وأُعجِبَ به، وقد جاءت به الابنة من القاهرة ذات يوم، وتحدث عن أنه سمع برواية «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسوانى. وعدته أن أرسل إليه كتبًا أخرى عن مصر عندما ألتقى ماجى وأبلغها سلام أسرتها التى التقيتها دون ترتيب على بعد آلاف الكيلومترات. أمسية لطيفة أخرى مع أسرة أمريكية تعرف جيدًا معنى الانفتاح الإنسانى دون سبب محدَّد سوى التآنس والألفة.
فى يومنا الأخير فى سياتل زرنا فى الصباح «space needle» (إبرة الفضاء)، وهو برج ذو تركيب معمارى عجيب، وأحد المعالم البارزة لسياتل، ارتفاعه 184 مترًا، أى أن برج القاهرة يعلوه بثلاثة أمتار فقط، تأسس عام 1962 بغرض بناء مطعم يُطِلّ على أعلى المحيط بالتزامن مع إقامة معرض سياتل للصناعات، لكنه سرعان ما تَحوَّل إلى مزار سياحى، يمكن للمرء فيه أن يرى سياتل من أعلى بنظرة بانورامية متسعة، ويراقب الجبال والمحيط من نظارات المراقبة المنتشرة فى الأعلى، وفى 19 مايو 2007 فاز الزائر رقم 45 مليونًا للبرج برحلة أخرى إلى برج إيفل.
عقب التقاط الصور من أعلى نقطة فيه اشتريتُ نموذجًا للبرج من محلّ الهدايا، النموذج تركيب هندسى معقَّد، ما زالت حتى يومنا هذا أسعى إلى توصيل أطرافه بعضها ببعض على أمل أن تتحول إلى البرج لا إلى كلب معدنى لا يفهم كيف جاء إلى هنا فى مصر!