يغرينى ردُّ الفعل الكبير، أن أقوم بزيارة أخرى لعش الدبابير.. لم أكن أتوقع رداً بهذا الشكل، على ما كتبته حول رجال الأعمال.. يبدو أن النار تحت الرماد.. العلاقة الجدلية بين الثروة والثورة.. هكذا كنت أحذر مجدداً.. قمع الاحتجاجات الفئوية مفهوم بالطبع.. تقوده فضائيات رجال الأعمال.. هناك أسباب منطقية.. المنطق أن يدفع رجال الأعمال الضرائب.. لا نريد تبرعات، ولكن ضرائب مستحقة!
التعبير الذى أطلقه زميلى الكاتب نيوتن فاق الوصف.. قال إن بعض رجال الأعمال، لديهم ثغرة فى الضمير، حين يستغلون ثغرات فى القانون.. سماها ثغرة أخلاقية، لا ثغرة قانونية.. فاجأنى أن الوزير غالى، كان يريد علاج هذه الثغرة، ولم يفلح.. قامت عليه القيامة.. قال «نيوتن» إن رجال الأعمال ليسوا سُبّة.. لم أقل بهذا ولا أقول.. لكن لماذا لا يوجد بيل جيتس مصرى؟.. هل مصر لا تستحق؟!
دعونا نتفق أن رجال الأعمال شافوا الرعب، سنة حكم الإخوان.. بعضهم هرب.. بعضهم قاوم.. بعضهم رتّب حياته فى الخارج.. لا نريد أن تعود هذه الأيام.. فقط نقول لهم حلال عليكم ما تكسبون.. ادفعوا الضرائب دون استثمار للثغرات.. دون استثمار لحالة السيولة بعد الثورة.. ادفعوا ثمن الأمن.. ادفعوا ثمن الطرق، والعمالة، والمرتبات المتدنية.. بعدها، قولوا لفضائياتكم: هاجموا الاحتجاجات الفئوية(!)
عندما تساءلت عن مصدر الثروات، لم أكن أمارس دور النائب العام، ولا جهاز الكسب غير المشروع.. لكن هناك ثروات مهولة، فى سنوات معدودة.. فقط تساءلت: ما هى «التجارة» التى تدر هذه المليارات؟.. فى نهاية عهد السادات كان الكل، يا مولاى كما خلقتنى.. ملط.. ماذا جرى بعد الانفتاح؟.. هل يتاجرون فى السلاح أم فى الممنوع؟.. هل تتسول مصر، بينما فيها مئات الآلاف من المليونيرات؟!
الاتصالات التى تلقيتها كانت مشجّعة.. بعضهم اقترح أن يتبرع كل واحد بمليون جنيه.. آخر أصر على أن تكون ضرائب لا تبرعات.. كنت من هذا الفريق.. الضرائب وحدها سوف تحل الأزمة.. المهم أن يكون هناك رئيس وزراء جرىء.. يُصلح منظومة الضرائب.. لا يشكو من الاحتجاجات الفئوية.. عنده مصادر تمويل حقيقية.. لا أعلن الحرب على رجال الأعمال.. بالعكس.. أوفر لهم حماية دائمة لا مؤقتة!
لا أريد أيضاً أن أتهم البعض بالتحايل.. كلمة التحايل مرادف للسرقة.. لا أقول إنهم حرامية.. ليس هدفى بالمرة.. الهدف أن يدفع الذين قاموا بصفقات فى البورصة، الضرائب عنها.. لو حدث تتوفر لدينا مليارات.. تذكروا فقط أن بيل جيتس حين تبرع، كان قد دفع الضرائب كاملة.. بعدها تبرع.. عندنا نتبرع بالملاليم ولا ندفع الضرائب.. بعض رجال الأعمال يكتفى بإقامة مائدة رحمن.. يكتفى بتقديم الفتات!
لا تلعنوا الاحتجاجات الفئوية، ولا تقهروها أبداً.. لا تسلطوا عليها فضائياتكم.. ادفعوا الضرائب أولاً.. حلال عليكم بعدها أى شىء.. اكسبوا ما شاء لكم أن تكسبوا.. اركبوا الطائرات واسكنوا القصور.. تذكروا حق مصر عليكم.. تذكروا نيلها العظيم.. إما أن يجرفكم، وإما أن تستمتعوا بطعم مائه العذب.. ما شربتش من نيلها يا أخى!