قطاع من الشباب يشعر بأنه بلا قيمة حقيقية فى الحياة.
ولا يدرك كيف تكون له قيمة حقيقية فى الحياة، ولم يجد هذا القطاع أمامه سوى شبكات التواصل الاجتماعى، كانت وسيلته الوحيدة لصنع قيمة وهمية افتراضية، تنتشر عبر الشبكات، ولأنه حتى القيمة الافتراضية لا يمكن أن تنشأ من الوجود على الشبكة فحسب، فقد بدأ البعض يقاتل فى هستيريا؛ ليجد لنفسه مكانا على الشبكة، وكانت أسهل وسيلة هى لعب دور البلياتشو، ولكن بلياتشو من الدرجة الثالثة، كل ما يعنيه هو ترويج بضاعته، حتى لو تشقلب وتزحلق وألقى التورتة على وجهه.. المهم أن يضحك المتابعون ويصفّقوا فى لحظتها، حتى وإن فقدوا بعدها كل الاحترام للبلياتشو نفسه، باعتباره مجرّد بلياتشو. وشقلبة وزحلقة بلياتشو الدرجة الثالثة على النت كانت السخرية من كل شىء وأى شىء.. وبمنتهى الجهل والحماقة.
المشكلة أن الأطراف التى تتآمر على مستقبل الوطن لا تضحك على البلياتشو، بل تجد أن حماقته وشقلبته، هى وسيلة من وسائلها، لتنفيذ مؤامرة هدم وطن البلياتشو، وسحقه هو قبل غيره.. والبلياتشو سيسخر طبعا من الحديث عن نظرية المؤامرة، لأنه لم يقرأ الصفحات الثلاث الأولى من نظرية المؤامرة التى تقول: إن أول خطوة لنجاح المؤامرة -أى مؤامرة- هو أن تدفع الناس للسخرية منها، ومن فكرة وجودها، والتشكيك فى وجودها من الأساس؛ لأنه إن لم يشكّ الناس فى نظرية المؤامرة، ويسخروا منها، فسينتبهون إليها ويقاومونها ويتصدّون لها وينجحون بالتالى فى إفشالها.. ولهذا فمن يحيكون المؤامرات يسعون بقوة لتأييد كل بلياتشو من بلياتشوهات الدرجة الثالثة، وإمطارهم بالثناء والتشجيع؛ حتى يستمروا فى لعب دورهم، ويسهموا بنفس حماقتهم وخيابتهم فى إنجاح المؤامرة التى ما إن تنجح حتى يكونوا هم أوّل ضحاياها، لأن المتآمرين الذين استغلوهم سيخشون من حماقتهم وخيابتهم، التى يمكن أن يستغلّها أعداؤهم، فيسْعون أوّل ما يسْعون للخلاص منهم.
وعندما تنبّه بلياتشوهات الدرجة الثالثة إلى هذا، فهم لن يمتنعوا أو يتوقّفوا، حتى ولو أدركوا فى أعماقهم الثمن الفادح لسخريتهم وشقلبتهم؛ لأن هناك مَثلا أمريكيا يقول «لا عمل مثل العمل الاستعراضى»، أى أن البلياتشو لن يتوقّف، ما دام هناك مَن يضحك ويصفّق ويشجّع شقلبته وزحلقته، ويهتف لكل قلم ينزل على قفاه. وكل متآمر فى الدنيا يدرك هذا، ويجيد استغلال بلياتشوهات الدرجة الثالثة لتحقيق أهدافه.
والمعرفة تدفع إلى التساؤل، أما الجهل فيدفع إلى السخرية. البلياتشو يسخر من صفقة سلاح مع روسيا، لأنه يجهل أنه كلما كانت الصفقة كبيرة وقوية كان الحديث عنها أقل، وعن تفاصيلها (السرية للغاية) مستحيلا. ويسخر من كشوف علمية، ليذكّرنا بهجوم ضارٍ، تم شنّه على الدكتور مصطفى السيد عندما أعلن كشفه، والذى ذاب مع كل الجوائز والاحترام والتقدير العالميَّين للدكتور مصطفى نفسه على الكشف نفسه بعدها بعدة سنوات.
فاللى مايعرفش يقول عدس، واللى مايفهمش يعمل فيها بلياتشو.. وأهو كل ما يتشقلب الناس حتضحك، وأمريكا حتتبسط.. ويمكن كمان تديله الجنسية. لكن السؤال هو: طب وبعدين؟!.. وبعدين... يا بلياتشو؟!!