ايجى ميديا

الجمعة , 1 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

إلى المرحومين والمحرومين

-  
نشر: 7/3/2014 2:29 ص – تحديث 7/3/2014 2:29 ص

شاهدتُ فيلمه «حواس» قبل أربعة أشهر، وذلك لأول مرة فى لجنة تحكيم المهرجان القومى للسينما رغم أنه كان مشروع تخرجه فى المعهد قبل عامين، وفوجئت بأن الشريط يهتف باسم موهبة متميزة، ولم أكن وحدى، كل أعضاء اللجنة كانت لديهم نفس القناعة أننا بصدد مخرج استثنائى وحالة إبداعية متفجرة شبّت عن الطوق.

لم أكن أعرفه وسألت المخرج سعد هنداوى، زميلنا فى لجنة التحكيم، بحكم احتكاكه أكثر بهذا الجيل، عن هذا المخرج، فأجابنى بأنه شاب حديث التخرج، ولكنى شعرت أننى عرفته من خلال هذا الفيلم الذى لم يتجاوز زمنه 15 دقيقة، وشعرت أننا بصدد مخرج مخضرم. كنت مرتبطا بالسفر خارج الحدود ليلة إعلان النتائج وشاهدت كل الأفلام وتركت الرأى مكتوبًا بعد أن منحته الجائزة التى حصل عليها بالإجماع، ولم أرَ المخرج وهو يحتضن الجائزة. وأخذتنا الأحداث الثقافية والسياسية بعيدا حتى قرأت اسم المخرج فى الصفحة الأولى باعتباره مفقودا قبل أن ينتقل إلى عداد الموتى فى فاجعة سانت كاترين «باب الدنيا».

كان بالفعل يقف على باب دنيا الإبداع السينمائى، كانت دقاته على الباب بالتأكيد مسموعة. علمتُ من مخرجنا الشاب أحمد رشوان أنه قد أخرج فى السنة الثالثة بمعهد السينما الفيلم التسجيلى «خمسة فرحة» عن عالم الأفراح السفلى وكيف يسرق فيها البعض لحظات البهجة، وله مشروع لم يرَ النور لأول فيلم روائى «الإمام» كتب السيناريو مع الشاب عيسى جمال ومن إنتاج ماريان خورى والغريب أنه أيضا عن عالم الموتى.

استعدت فيلمه «حواس» مرة أخرى على «يوتيوب»، كانت لدىّ رغبة أن أراه مجددًا، أقصد المخرج، ألم يقل سقراط «تكلّم حتى أراك» والكلمة للمخرج هى أشرطته السينمائية.

هل تفرق أن تشاهد فيلما لمن غاب عن عالمنا وتكتب عنه بعد الرحيل؟ هل نرى شيئا آخر؟ هل الموت المبكر يترك بصمة ما على مشاعر الأحياء تجاه من غاب عنهم حتى لو لم يعرفوه؟ هل كان «ابن موت»؟ الفيلم يقول ذلك، لماذا اختار -لا شعوريا- بطله مصابا بغيبوبة طالت ستة أشهر فهو فى عداد الموتى؟ نحن نرى حياته يعود إليها النبض المعنوى والرمزى من خلال الممرضة المسؤولة عن رعايته فى العناية المركزة، فهو طوال الأحداث مصاب بغيبوبة أحالته إلى كائن خارج الحياة الملموسة ولكن دائما هناك وسائل موازية للتواصل مع الغائبين، فى تلك الحجرة التى يسيطر عليها الأزرق (لون الموت) يُحدِث هذا التواصل الذى يقهر الموت.

نحن نتعايش مع اثنين؛ مرحوم ومحرومة، لماذا اختار رمضان تلك الحكاية التى بطلها شاب وسيم فى مقتبل الحياة أُصيب بغيبوبة مرّ عليه أكثر من ستة أشهر؟ الممرضة تعيش معه قصة فى الحقيقة، تحلم به وتتخيل نفسها فى أحضانه وينتهى الفيلم وقد انتقلت من عالم الخيال إلى أرض الواقع، واقعها المجازى لتعيش معه أجمل لحظات لم تعشْها، فهى تعيد إليه الحياة والنبض الافتراضى وحتى قدرته على ممارسة الجنس معها، لقد قرأت كل قصصه واستعادت بصوتها الكثير مما كتبه، كيف نفّذ المخرج لقطات النهاية بكل هذا الألق البصرى والنفسى وبإيقاع لاهث، وجه الممرضة بعد أن نزعت حجابها وملامحها تفيض بالانتصار وحبّات العرق تتساقط على وجهها تدق نواقيس الانتصار على الموت، تستعرض الكاميرا الكتاب ملقًى على الأرض بعد أن تناثرت صفحاته بينما نستمع إلى صوته الافتراضى لأول مرة وجهاز الكمبيوتر الذى يرصد موجات المخ وحقنة الجلوكوز التى تبقيه حيًّا إكلينيكيًّا وتقفز الممرضة حافية إلى أعلى السرير.

هل نحكم أخلاقيًّا؟ إنها علاقة بين جسد ميت بلا نبض وجسد آخر بلا حياة حتى لو كان ينبض، يوجد مرض نفسى لا أتذكر اسمه العلمى عن تلك العلاقة مع الموتى، وشاهدت فيلما قبل نحو عشرين عاما أحداثه تتناول تلك العلاقات الشاذة والمحرَّمة بالطبع فى كل الأديان، ولكننا هذه المرة لسنا بصدد مرض من هذا النوع ولا شبق جنسى، ولكن نحن نعيش حالة أخرى مختلفة تماما، إنه الحنين إلى التواصل. فتاة متوسطة الجمال وفى منتصف العمر خلقَت عالمًا موازيًا للواقع لتعيش فيه وبكل تفاصيله وتلك العلاقة التى أوحى بها المشهد الأخير فى الفيلم هى ذروة التواصل الحسى لو أخذتها بمعناها المباشر ولكنها تحمل فى عمقها التوحد بمعناه الرمزى.

نتابع الشخصيات لمخرج يجيد توصيل المعلومة الدرامية فى التوقيت المطلوب مثل إعجابها بشعره الطويل أو انتهائها من قراءة كل رواياته، إنها الومضة فى الفيلم الروائى القصير المكثف فى المعلومات الدرامية ولكنه يمنح للمتلقى خيوطا متفرقة عن هذا الشاب الموهوب الذى انتهت حياته، لا يعنينا كثيرا هل تحقق فى الحياة أم أنه كان فى البداية يطرق الباب، فنحن نشارك فى رسم ملامح كل الشخصيات تفاصيل حياتها.

لماذا لم أكتب عن الفيلم ومخرجه بيننا؟ تأخذنا الحياة وما يجرى سياسيًّا وثقافيًّا، وهذا ليس عذرا ولكن يقينى أن مَن غابوا عنا لا نراهم ولكنهم يتواصلون معنا، أنا لم ألتقيك يا رمضان ولكنى عرفتك وشاهدتك فى فيلمك رغم أننا ودَّعناك وأنت لا تزال على «باب الدنيا»!

التعليقات