فى رياضة الملاكمة يوجد ما يسمى بالملاكم المساعد، أو ملاكم التدريب. دوره يقتصر على أن «يتمرن عليه» البطل فى أثناء استعداداته لخوض نزال قريب. الأسبوع الماضى خصصه «فيفا» لإقامة مباريات ودية بين المنتخبات، وهى فى واقع الأمر عبارة عن استعدادات لفرق الدول المتأهلة إلى مونديال البرازيل. كل منهم تعاقد مع منتخب ليلعب معه «أو يتدرب عليه»، يكون شبيها فى طريقة أدائه مع أحد المنافسين فى مجموعته المونديالية. البرازيل مثلا اختارت خوض لقاء أمام منتخب جنوب إفريقيا، الذى ينتمى إلى نفس مدرسة الكاميرون المشاركة معها فى المجموعة الأولى، وكذلك فضلت كولومبيا أن تلاقى منتخب تونس القريب فى أسلوبه من فريق ساحل العاج، الذى ستواجهه ضمن منافسات المجموعة الثالثة.
كان نصيب فريقنا الوطنى اللعب أمام البوسنة ذات التاريخ الحديث فى اللعبة، «الاتحاد البوسنى لكرة القدم تأسسس عام 1992 بعد انفصال بلادهم عن يوغوسلافيا»، ورغم ذلك يحتل حاليا المركز الـ17 عالميا طبقا لتصنيف الاتحاد الدولى بعد أن نجح فى التأهل للمونديال لأول مرة.
اللقاء أقيم النمسا، وكان من المفترض أن يكون لقاء تدريبيا، يستغله البوسنة فى تجربة الخطة التى سيطبقها عندما يلاقى النسور الخضر فى بلاد السامبا، لكن الحقيقة أن منتخبنا تعامل مع المباراة بجدية شديدة، وحقق منها فوائد عديدة من جميع النواحى:
حصل على عائد مادى -حتى لو كان ضعيفا- أنعش به خزينة الاتحاد الخاوية. استفاد فنيا بتعرف المدير الفنى شوقى غريب على عناصر المنتخب عن قرب فى أول تجمع لهم تحت قيادته، وفوق كل ذلك حقق مكسبا كرويا 2/0 منحه شحنة من الحماس والتفاؤل، فضلا عن تحسين موقعنا الـ38 فى جدول «فيفا»، باعتباره لقاء مسجلا رسميا ضمن الأجندة الدولية.
اعتمد فريقنا فى الشوط الأول على لاعبين ذوى خبرة دولية، مطعمين بعدد قليل من الوجوه الجديدة، وهو ما أدى إلى تماسك الخطوط والظهور بشكل متوازن دفاعا وهجوما. مع بداية الشوط الثانى نجح جدو فى إحراز الهدف الأول، ثم تلاه محمد صلاح بالثانى مما أعطى الثقة الكاملة للاعبينا ومن بعدهم للجهاز الفنى، الذى بدأ فى إجراء التبديلات لإعطاء الفرصة لعدد من الشباب لتسجيل ظهورهم الأول ضمن تشكيلة منتخبنا الوطنى، مثل عمرو جمال ومحمد فاروق وإبراهيم عبد الخالق.
أبرز مشاهدات المباراة هى:
1- الفرحة الكبيرة للجالية المصرية بالنمسا بقيادة كبير المشجعين، محسن نور، الذى قاد أكثر من ألف مصرى وعربى وجدوا فى المدرجات لمؤازرة منتخب مصر، وفى نفس الوقت تصدوا لقلة من المتعصبين حاولت إفساد الأجواء عن طريق الهتاف للجماعة الإرهابية ورفع شعارها.
2- ظهور محمد صلاح بالقميص 22 «رقم أبو تريكة» مما يعطى مؤشرا بأنه سيكون خليفته فى الملاعب، رغم اختلاف مركزيهما وأسلوبهما الفنى، غير أنهما يتفقان على نفس حجم الموهبة والقدرة على نيل حب الجماهير. بالمناسبة عدد من الصحفيين فى أوروبا يشبهون صلاح بأرين روبين النجم الهولندى لتقاربهما فى طريقة المراوغة وسرعة الانطلاق.
3- أحمد فتحى أثبت أنه أفضل لاعب استراتيجى فى تاريخ مصر الحديث، بعد نجاحه فى شغل مركز الظهير الأيسر بكفاءة عالية. هذا النجم عبارة عن كتلة من الإصرار ممزوجة بالرجولة ومعجونة بالإخلاص فى تنفيذ كل ما يكلف به من مهام داخل الملعب.
4- ظهور الحارس التاريخى عصام الحضرى أخيرا بين تشكيلة فريقنا، بعد أن حجز لنفسه مكانا عن جدارة واستحقاق، بفضل مستواه المتميز فى مباريات الدورى.
هل يستمر فى المستطيل الأخضر حتى يصل بنا إلى مونديال روسيا عام 2018 ليصبح أكبر لاعب فى تاريخ كأس العالم؟ مش بعيد والله!!