ايجى ميديا

من المؤكد أن خطاب السيسى الثلاثاء كان مهما، وتحدث عن أشياء ربما تكون لأول مرة، أنه حذر مرسى من تحويل الخلاف السياسى إلى خلاف دينى، وطلب منه أن ينقذ البلد ويعرض نفسه على استفتاء شعبى، وإن قبلك الناس فعلى الجميع أن يصمت، وإن رفض الناس استمرارك، فعلى الجميع أيضا أن يصمت. وتحدث عن الدول التى تحيط بنا من جميع الجهات، وما يسيطر عليها من اضطراب، يجعلنا فى وضع صعب، ومن المؤكد أن المشير السيسى قام بدور بطولى ومهم فى 3/7 وما بعدها من أيام، وتعرض بسبب ذلك لحملة تشويه كبيرة طالت كل شبر فى مصر، وتبعتها حرب إعلامية كبيرة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، ومواقع تخصصت فى ذلك مثل «رصد» وغيرها من المواقع، وتخصصت فى تسريبات أجزاء مقتطعة من كلامه ومحاولة التشويه، وغير ذلك من الأمور، ناهيك بحرب الأعصاب فى بداية الأمر، وادعاء أن هناك انقساما فى المؤسسة العسكرية، وأن هناك ما يسمى الجيش الحر ومحاولة استنساخ ومحاكاة التجربة السورية، المدمرة، ولكنه أمس كان باديا عليه الإرهاق، لأن المهمة شاقة، من المؤكد أنه يسهر مع مستشاريه، ومع خبراء فى كل المجالات، ليضع برنامجه السياسى، وهنا تأتى الاختيارات الصعبة، فكل ما سبق، مطلقات قيمية، حديث عن دور الجيش وأهمية حماية الشعب المصرى، وأن الشعب هو الآمر ونحن نستجيب، ولن نترك أحدا يروّع هذا الشعب، والحرب على الإرهاب، وكل هذه الأمور التى وقف الشعب بكامل اتجاهاته وتجمعاته وراءها ووراءه، بخلاف مجموعة العشيرة وأتباعها. أما باقى الشعب فقد وقفوا صفا واحدا، فى إزاحة هذا الكابوس، وفى الحرب على الإرهاب، ولكننا انتهينا من الجهاد الأصغر وجئنا للجهاد الأكبر، كما قال النبى عليه الصلاة والسلام عندما جاء من الحرب، إلى الحياة الدنيا بنسبيتها. ومع نسبية الحياة الدنيا ومع نسبية السياسة تظهر المشكلات الحقيقية. من المؤكد أن مشكلة مصر الاقتصادية كبيرة وكذلك مشكلتها الأمنية، والمرور والبطالة وأمور كثيرة لا مجال لتفصيلها الآن، ولكن للأسف هو مضطر إلى شىء من التفصيل، ربما لا أهتم أنا كشخص بالتفاصيل بقدر ما أهتم بالانحيازات الأساسية، ولكن فى النهاية، فهناك فريق آخر، يجلس الآن، وهذا الفريق به كما ذكرت الصحف، وحيد عبد المجيد وأبو عيطة، وأمين إسكندر وعبد الخالق فاروق وآخرون. وهناك مباراة فى النهاية، ربما لا يكون لها تأثير كبير على تسجيل الأهداف، ولكن جودة اللعب لها قيمتها عند المشاهد، وبالذات الإعلام فى الفترة القادمة. وتأتى الأسئلة الهامة، هل سيؤكد الضرائب التصاعدية فيُغضب الأغنياء؟ هل سيحارب الاحتكارات الكبرى، فيغضبهم أيضا؟ هل سيطالب بتسويات الأراضى التى تم أخذها بالتقسيط بـ5 جنيهات المتر، وتم بيعها بآلاف الجنيهات، وبعضها كان للاستصلاح وتحولت إلى مشاريع عقارية كبيرة، فيغضبهم أيضا؟ وحقوق الانتفاع بالمحاجر وغيرها من ثروات مصر بأجور زهيدة لم تتغير منذ عقود من الزمن، ومصانع تستهلك مليارات من دعم الطاقة «كثيفة الطاقة»، وهناك مطالب برفع هذا الدعم عن الأغنياء، وهؤلاء الأغنياء يملكون صحفا وقنوات فضائية، بل وعائلات كبيرة، بينها علاقات نسب ومصاهرة، تمد أذرعها فى كل أركان الدولة المصرية، وفساد مستشر، ومستشارون يتقاضون المليارات، ومستفيدون، يريدون أن يستمروا فى مواقعهم. وفى الطرف الآخر، ربما يكون هناك متطلبات أخرى تحتاج إليها، كالنظر فى دعم الطاقة حتى للفقراء، بتحجيمه بنسب استهلاك معينة، وهذا ربما يُغضب شريحة، وتصرفات صارمة تجاه مبان كثيرة، وتعديات على الأراضى الزراعية فى السنوات الثلاث الماضية، وباعة جائلون استغلوا الفترة الماضية وبنوا أكشاكا، وسيطروا على أسواق، وتعديات مهولة على أراضٍ وممتلكات للدولة، وكذلك ممتلكات خاصة، ومواجهة هؤلاء لا شك ستغضبهم أيضا، والتشريعات العالقة التى تحتاج إلى تدخل جراحى فى الفترة القادمة كقانون الشيك أو قانون إيجارات الشقق القديمة، وغابة كبيرة من التشريعات التى لا تحتمل التأخير، كل قرار من هؤلاء، سيغضب جزءا من الشعب، ومنظومة دعم الفقراء إجمالا تحتاج إلى عملية ضبط وتنقية بمشرط جراح، أى خطأ ستنتج عنه مصيبة، والشعب ليس كله عظيما، طاهرا بريئا كما يدعى بعض المتاجرين بمشاعر هذا الشعب، فالذى استغل الفترة القادمة لينتهك الأراضى الزراعية بالتعديات ليس عظيما، ومن استغلها لتجارة السلاح، أو الاتجار فى المخدرات، أو التعدى على أراضى الدولة، فالمهمة شاقة يا سيادة المشير، وفقك الله ووفق فريقك، أنتم مقدمون على عملية جراحية صعبة لهذا الوطن، فارتدوا بلاطيكم وقفازاتكم وكماماتكم، عينكم على الأجهزة القياسية بجانبكم، قلب الوطن وأمعاؤه مفتوحة أمامكم، مهترئة، ملوثة، مسرطنة، تدخلوا بمشارطكم، بدقة، وفقكم الله، أيدينا ودعواتنا معكم.