كالعادة وكالمتوقع انتهت رحلة البحث عن وزير ثقافة مصر إلى التسليم بأن د.صابر عرب هو رجل المرحلة للمرة الرابعة، فقد أثبت الرجل أن قدرته على التواؤم مع كل الأنظمة فاقت كل التوقعات.. فهو المرضىّ عن سياساته واختياراته من الفلول والإخوان والسلفيين، وهو القادر على أن يسير فجأة فى مظاهرة للثوار بعد أن اطمأن إلى نتائجها وهو العبقرى الذى يدير مجموعة من المعادين لأفكار الثورة والمسلحين بكل عتاد البيروقراطية المدمر، لكى يجهضوا كل طموح الثوار بفعل التلون والعناد والتشبث المقيت بكراسى تتمتع بمخصصات مالية هائلة.
الصديق محمد هاشم يعلن فى بيان غاضب رفضه لترشيح أسامة الغزالى حرب، ولا تضع «الجبهة»- «التى لا نعلم متى تشكلت؟ ولا ممّن؟»- أىَّ رؤية بديلة، ومثل المرات السابقة تستمر المناورات التى تديرها الأجهزة من وراء الستار، بحيث يتم «التفعيص» فى كل المرشحين حتى اللحظة الأخيرة، فلا يجد «المكلف» المرتبك والمحتقِر أصلًا لفكرة الثقافة بُدًّا من العودة إلى رأى الأجهزة التى أبلغت وزيرها أن يجلس مستعدًّا دون أن يخلع جاكت البدلة أو أن يفك الكرافتة انتظارًا، لكى تسفر مرحلة «تزهيق» رئيس الوزراء لكى يقبل بالوزير الضرورة «أو هكذا يرى د.الجنزورى الذى لا نعرف أمارته».
يقول صديقى هاشم إن د.أسامة لا يتردد على مَعارض الفن التشكيلى ولا دور النشر.. ولا نعلم متى كان صابر عرب ضمن أى جماعة ثقافية.. وإذا كانت الجبهة غاضبة من تجاهلها فلماذا صمتت الآن بعد الرجوع إلى الوزير المختار؟ هل كان هذا هو الهدف من الهجوم «عمال على بطال» على كل المرشحين؟ وهل نصدق أن رئيس الوزراء ديمقراطى جدًّا لكى يصرف النظر عن مرشحه لمجرد بيان فيسبوكى وصرخة الخال «غير المفهومة» وأن يتم إبلاغ الرجل بذلك فى أثناء عودته من رحلة التكليف؟ ولم لا نقول بوضوح إن هناك أجهزة تصر-وما زالت- على اختيار شخص وزير الثقافة، وأن كلامها لا بد أن يُسمع.. وأنا هنا أدعو د.مجاهد إلى أن يبرئ ساحته أمام الجهاز الذى يعترض على ترشيحه للمرة الثالثة على التوالى، فهو إما متهم بجريمة، وبالتالى فهو غير صالح لتولى رئاسة هيئة كبرى كالهيئة العامة للكتاب، وإما أن كفاءته فى إدارتها «وهو أمر واضح» تؤهله ببساطة إلى منصب الوزير.
كما أن د.صابر إن كان صالحًا للاستمرار رغم فشله فى جميع الملفات التى تناولها وإصراره على إحاطة نفسه بمجموعة من البيروقراطيين الفشلة مثل تجديده لخدمة مسؤول الثقافة الجماهيرية بعد بلوغه سن المعاش بقرار من رئيس الوزراء مكافأة له على فشله الذريع فى تفريغ الثقافة الجماهيرية من أى مضمون وفى إظلام مواقعها وفى إهدار المال العام على مبانيها التى كانت تستخدم كمأوى للإخوان ولتدعيم أركانهم تحت بصر الدكتور العبقرى الذى لم يجد الوزير خيرًا منه فى مصر كلها.
وأما صندوق التنمية الثقافية فهو يسند إدارته إلى فاشل آخر خرج بفضائح من قطاعات أخرى بالوزارة وينتمى إلى نفس العصابة التى يرأسها مدير مكتبه، والذى تمت مكافأته على تخريب الصندوق بنقله إلى جهاز عبثى آخر يسمى «التنسيق الحضارى» يتقاضى فيه مرتبا يفوق راتب الوزير نفسه، ولا يعلم إلا الله ما وظيفة هذا الجهاز الذى اخترعه الوزير الأسبق لمجاملة أحد أصدقائه بألوف الجنيهات فى وقت نشكو فيه ضعف ميزانية الأنشطة بالوزارة.. نقول إذا كان كل هذا ليس صحيحا ومعروفا، فلماذا التفكير فى تغييره؟ والأهم لماذا العدول عن هذا التغيير؟ هل ثبت خطأ كل هذا وصدقت ملائكية الرجل؟ وأن كل هذا مجرد افتراء على وزير لا يتوقف عن العمل على تطوير وزارته؟
رفضت الدولة ترشيح الكاتب يوسف زيدان للمنصب ورفضت أسماء أخرى كثيرة.. ليس صحيحا أن «تشتت» المثقفين وعدم اتفاقهم على اسم بعينه هو السبب «وليس المفروض أن يكون هذا سببًا لشخص يختار وزيرًا لتنفيذ سياسة يراها ولا يحاسب إلا بعد اختبار إمكانياته».. السبب هو أن الأجهزة المسماة بالسيادية ما زالت تضع أنفها فى كل شىء، وبالذات فى منصب وزير الثقافة.. معتقدة أنه منصب مهم رغم كل ما يعانيه المثقفون من تجاهل ومن هوان!!