ما الجمعية التى تحكم وزارة الثقافة؟ الجميع يتبرؤون منها، هل هم فريقان وكل منهما يستعرض الآن قوته فى القدرة على التغيير وإصدار القرار الذى يعبر عن مصلحته المباشرة؟ هل هم الثوار أو فى الحقيقة من أطلقوا على أنفسهم ثوارًا؟
الثورى لا يطالب بالثمن، وهؤلاء حصلوا على الثمن مضاعَفًا. الثورة تعنى تغييرًا فى المنظومة وليست فى الأشخاص وهؤلاء كانوا حريصين على استبدال الأشخاص والإبقاء على المنظومة، بدليل تخليهم بسهولة عن واحدة من مكتسبات ثورة 25 يناير بتحرير التظاهرات الثقافية من قبضة الدولة ومنحها للمجتمع المدنى، ولكن اتضح أن الأمر متعلق بالشخص وليس بالمنظومة.
من هم؟ المؤكد أنهم أكثر من فصيل، واحد أراد الإبقاء على الوزير المزمن ونجح فى تحقيق الهدف، والثانى فشل ولم يعلن عن موقفه ولا عن أعضائه، الغريب أنه حتى الجماعة التى نالت الانتصار لم تحتفل بما حققته خلال الثوانى الأخيرة، بل بلغة الكُرة فى الوقت الإضافى الذى احتسبه الحكم محلب بدلًا من الضائع.
مَن تحديدًا، جبهة المثقفين، التى اعترضت على تعيين وزير وأتت بآخر؟ الوحيد الذى كان واضحا ومباشرا هو شاعرنا الكبير عبد الرحمن الأبنودى الذى قالها بدون مواربة: «لا لحرب» بل ووضع خارطة الطريق لمحلب بأن يأتى مجددًا بصابر لبضعة أشهر، وبعد أن أعلنها لم أقرأ لأحد من جبهته والمؤيدين لبقاء عرب ما يؤكد رضاهم عنه. تضمن بيان الأبنودى الرافض لحرب غمزًا ولمزًا بأنه عضو سابق فى لجنة السياسات متجاهلًا أنه فى عز قوة الحزب الوطنى وسطوة لجنة السياسات على مقدرات الوطن ومع اقتراب الإعلان المباشر للتوريث وتنفيذ السيناريو الشرير، استقال من تلك اللجنة ووقف على الجانب الآخر، وأعلن موقفه الرافض لبيع مصر، الثابت والموثق بأنه انضم إلى الثورة منذ 25 يناير ولم ينتظر حتى جمعة الغضب فى 28.
لا أحد فى الحقيقة فكّر حتى مجرد التفكير فى برامج التوك شو التى تناولت تلك القضية، وسأل الخال عن سر هذا الهجوم وتلك الهجمة العنترية. من الواضح أن الأبنودى لم يُرد أحد إحراجه، المؤكد أنه على صلة وتواصل بالعديد من الكبار داخل الوزارة وخارجها، وهو لم يصحُ من نومه فجأة وكتب هذا البيان، ولكنه استشار ووجد أن هناك من يريد ذلك فكان هو الواجهة.
الأديب الكبير بهاء طاهر أعلن أنه يتعجب من حالة التواطؤ التى حيكت للإبقاء على صابر، وهو لم يكن طرفًا، بل لم يقف حتى على الحياد، وأكد أنه حرص على تأييد قرار محلب بالتغيير، ولكن كل من تحدث إليهم من الزملاء الصحفيين لم ينشروا رأيه، حتى يمهدوا لمحلب التراجع ويعود مجددًا لصابر، ومن يعرف الأستاذ بهاء يدرك تماما أنه اسم على مسمى فهو بهىٌّ وطاهرٌ، ولهذا دفع الثمن فى كل العهود!
عندما احتفلت الوزارة وكبار موظفيها بالتجديد لعرب كان من بين الحضور من خارجها الأديب الكبير يوسف القعيد، أى أنه ثانى مثقف من خارج موظفى الوزارة يعلن التأييد والمباركة فمن الآخرون؟ وهل سيواصلون الصمت؟
الناقد الكبير سمير فريد أشار فى عموده أمس على صفحات «المصرى اليوم» إلى أنه لم يتلق تليفونًا من مكتب رئيس الوزراء، بل لم يتصل به أحد لإعلانه بالترشح. وكان العديد من الصحف قد أشارت إلى أنه التقى محلب لكى يسند إليه حقيبة وزارة الثقافة، وهى فضيحة للصحافة التى لم يسأل أحد فيها سمير عن صحة الخبر، ولكنهم سارعوا بالنشر قبل التأكد من صحته، سمير يحلل الموقف بأنه رشح ثم انهالت الاعتراضات فتقرر استبعاده؟ لو تأمل الواقعة لأدرك أن هناك أسماء أخرى مرشحة التقاها رئيس الوزراء، رغم أنه نالها مثلة وأكثر، العديد من الانتقادات على النت، المنطق أن من سارعوا بتسريب اسمه وأشاعوا لقاءه بمحلب هم الذين هاجموه، لأن الشائعة تجعل الطريق ممهدًا للنيل منه.
لم ترشح الدولة ولم يتصل أحد على الأقل بخمسة أسماء ممن أشارت إليهم الصحافة، ولكن الجمعية إياها مع يقينى أنها ليست واحدة أرادت أن ينتهى الأمر إلى صابر عرب فحرقت كل المراكب السائرة والساكنة.