لن تفلح الطريقة الجديدة لتحركات الوزراء ونزولهم إلى الشارع إلا باعتماد منطق جديد مع الشعب، وهو الصراحة والشفافية، فكفى التفافًا حول الشعب ومطالبه، لا بد من الاعتراف بشكل واضح أن هناك مشكلات وأزمات كثيرة، وأن الحلول صعبة وستأخذ وقتًا، فلم تعد الطريقة القديمة تنفع مع الشعب من الإنكار.. وتقديم «الكلام الوردى» فقط دون أى حلول، فلا يعقل أن تعلن الحكومة عن العمل بقانون الحد الأدنى للأجور على سبيل المثال، ولا تستطيع تطبيقه، ولا يعقل أن تتحدث عن استعادة الأمن، وكلنا نرى أن الشارع ما زال منفلتًا، وهناك غياب أمنى كارثى يؤثر على كل مجالات الحياة.
ونتحدث عن السياحة، وليس هناك أى رؤية لاستعادتها، بل لا نستطيع على سبيل المثال أن نرد على موقف ألمانيا من سحب سياحها من شرم الشيخ وجنوب سيناء فى وقت كان يزور فيه وفد برلمانى ألمانى مصر ويلتقى كبار المسؤولين، ويؤكد مساندة مصر فى محاربة الإرهاب، أيضًا فى التعليم وطلاب الجامعات لا بد من الصراحة والوضوح فى ما يخص العملية الدراسية والنشاط الطلابى، وفى المعاشات وأموالها التى تم هدر كثير منها فى ظل نظام مبارك، ولم تتم استعادتها مرة أخرى حتى الآن، وفشلت كل حكومات ما بعد ثورة ٢٥ يناير فى حل تلك الأزمة، فلا بد من الصراحة والشفافية فى هذا الملف المهم الذى يهم ملايين الأسر، ويحقق نوعًا من العدالة الاجتماعية، فهذا الملف ما زال تغيب عنه الشفافية حتى الآن وتائها بين «المالية» و«الضمان الاجتماعى»، فضلًا عن غيابه عن رئاسة الحكومة، وأصحاب المعاشات يصرخون ولا مجيب لهم، رغم أن التعامل مع هؤلاء يدل على احترام البلد للمواطن وتقديره وينبئ عن مدى تقدم الدولة فى رعاية أصحاب المعاشات، الذين ادخروا أموالهم فى ميزانية الدولة لسنوات طويلة من الشقاء، وعندما تأتى استحقاقاتهم يتم تعذيبهم وإهدار كرامتهم.
وحدِّث بلا حرج عن أزمة الكهرباء وانقطاعها المستمر الذى وصل إلى كل الأحياء فى القاهرة والجيزة لساعات.. وانقطاعها فى المحافظات لتصل إلى عشر ساعات أحيانًا.. ولا اهتمام.. ولا يخرج مسؤول ليتحدث بصراحة إلى الناس عن سبب الأزمة هل هى أزمة وقود -وهو طبعًا أساس فى الأزمة- أم مشكلة صيانة المحطات؟! وهل هى مشكلة فساد داخل شركات الكهرباء.. فلا أحد يتكلم بصراحة للناس.
أيضًا دعونا نتحدث عن المساعدات التى تأتى إلى البلاد كم هى.. وما مصيرها؟
كذلك أزمة سد النهضة.. فمطلوب من وزير الرى ورئيس الوزراء الخروج إلى الناس والكلام بشكل واضح وصريح عن الأزمة وعن الفشل فى إدارة المفاوضات مع الجانب الإثيوبى والحديث بشفافية عن الجهود السابقة، ولماذا فشلت وذلك بدلا من المفاوضات فى الغرف المغلقة، التى تتعثر دائمًا... ربما لجهل من يمسكون بملفات التفاوض.
وحدِّث ولا حرج عن غياب الرؤية السياسية للحكومة فى المستقبل سواء كان ذلك فى انتخابات الرئاسة أو البرلمان.
فهل سيكون هناك دور لحكومة محلب فى تلك الانتخابات أم لا؟
فمن الجيد أيضًا أن يقول رئيس الوزراء للعمال أمهلونى ٣ أشهر دون إضرابات.. لكن ماذا سيفعل خلال الأشهر الثلاثة.. وهل قدم خطة أو دراسة أو أى شىء.. فمطلوب أن يقول بصراحة ماذا سيفعل فى الأشهر الثلاثة؟.
وليعلم رئيس الوزراء ووزراؤه أن الواقع جرى فيه تغيير.. ولا بد من التعامل مع هذا التغيير من أجل أن ينجح، وعلى رأس ذلك النهج الشفافية.. فلا نجاح دون شفافية مع الناس.
فهل ينجح محلب ووزراؤه فى «الشفافية»؟!