معذرة لعدم تناول الحكومة شبه الجديدة بعد إزاحة حكومة الببلاوى، لأن التلاعب بثورة الشعب أصبح حقيقة وتدريجيًّا يجرى تدشين وإعادة إنتاج دولة مبارك الفاسدة، وبلا مبالغة، فإن دولة الفساد تحرز انتصارات للعودة إلى ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ والإجهاز الكامل على ثورتى الشعب (٢٥ يناير - ٣٠ يونيو)، ومن ثم فإن الكلام والحديث فى الفضائيات لم يعد له التأثير الحاسم مثلما كان حادثا قبل أيام من ٢٥ يناير وخلالها، وبعدها مباشرة، ومع ذلك لن نترك اليأس يسيطر علينا وسنظل نقاوم «الفساد والاستبداد» ما حيينا، وبإرادتنا الحرة ندفع الثمن مقدمًا، فليست حياتنا أغلى من أى شهيد سقط فى الميادين فداء لمصر، حتى نبخل بها، فهى ما نملكه، والله يتولى أولادنا من بعدنا، وليس أحدًا آخر بإذنه تعالى.
والقضية التى أعرض لها هنا، حول ما يتعلق بتصريحات لمن يسمى بعصام حجى، الذى أصبح مستشارا علميا لرئيس الجمهورية، وهو من كتيبة زويل والبرادعى وأمثالهما، المتأمركين، ولا أعرف سببا واحدا لتعيينه فى فترة انتقالية، رغم ما لدينا من علماء أجلاء يعملون فى الظل ويفوقون هذا الشخص الذى كشف من خلال تصريحاته عن كراهية للوطن تصل إلى حد «الخيانة العظمى».
فهذا الشخص قال عن الاختراع الذى أعلنته القوات المسلحة لكشف وعلاج مرضى الإيدز، والفيروس سى «C»، إنه يمثل «فضيحة عالمية» لمصر، فى ذات الوقت الذى يعيش فيه هو فى أمريكا، وبمناقشة ما قاله على مستويين، يتضح ما يلى:
١- العالم لا يصدر حكما إلا بعد الاطلاع والدرس والفحص والتحليل ثم التوصل إلى نتيجة، بينما أعلن عصام حجى فورا أن الاكتشاف «فاشل وفضيحة»، دون أن يوضح متى وكيف اطلع على البحث والاكتشاف وتفاصيلهما.. والغريب ما قاله من أن د.زويل يؤيده ويحييه على موقفه!! وكان على هذا الشخص بكونه «عالما» كما يقولون، وفى نفس الوقت مستشارًا لرئيس جمهورية، أن يتريث، وأن يعلن أنه سيعود إلى القاهرة للاجتماع بفريق البحث ومراجعة الأمر ثم إعلان النتيجة، فهذه وظيفة العالم، أن يتريث قبل إعلان رأيه النهائى.
٢- بحكم وظيفته كمستشار لرئيس جمهورية مصر التى من المفترض أن ينتمى إليها، كان عليه أن لا يصادر على جهود علمية ويسارع فى اتهامها واتهام أصحابها، واتهام المؤسسة الوطنية بمساندة الفشل، إلا بعد الرجوع والتأكد والتشاور داخل مصر ويمارس عمله فى «الاستشارية» بأن يسعى إلى تكوين فريق عالمى متنوع من عدة دول ومراكز بحث لمراجعة ما تم، الإعلان عن ذلك بشفافية تؤكد وطنية هذا الشخص.. إلا أنه باستعجاله لضرب البحث والجهود المبذولة والمؤسسة الوطنية وهى القوات المسلحة، ورفض طلب رئيس الجمهورية بالعدول عن تصريحاته، والاكتفاء بشهادة زويل المجروحة أصلا، وشهادة مراكز البحث التى يعمل بها وشركات الأدوية التى يتعامل معها فى أمريكا، هى كلها معطيات الخيانة لهذا الوطن والشعب.
فالاكتشاف يقع فى اختصاص الطب، بينما عصام حجى فى مجال الهندسة ويعمل فى «ناسا»، وتطوع بالحكم على شىء يجهله ودون التزام الخطوات العلمية المعروفة، ومحاولة التغطية والاستقواء بـ«زويل» -صاحب الاعتداء على القانون المصرى وعدم احترام أحكام القضاء فى ما يسمى بجامعة «زويل» فى مواجهة جامعة «النيل»!- الأمر الذى يؤكد عدم وطنية هذا الشخص وعدم صلاحيته بالتالى لتولى مهمة وطنية فى مصر وإلى جوار أكبر رأس فى هذا البلد المنكوب بالعملاء والمرتزقة، وبالتالى أصبح عزله من منصبه ضرورة وطنية لا رجوع عنها، لأنه خادم لأسياده فى أمريكا بكل أسف.
فى ذات الوقت علينا أن لا ننسى أن بناة مصر الحقيقيين هم الذين فضلوا أن يمكثوا فيها، ورفضوا الإغراءات، وسافروا للخارج ورجعوا إلى أوطانهم سالمين غانمين بحب وطنهم صاحب الحضارات العظيمة، ليواصلوا المسيرة فى خدمة الشعب، ومثل هؤلاء أقبلهم بـ«٥٠٪ كفاءة + وطنية» أفضل مليون مرة من «١٠٠٪ كفاءة + انعدام الوطنية»، وعلينا مراجعة نقدية لملف الاستعانة بعلماء مزعومين من الخارج ومحسوبين على مصر شكلا، لكنهم لا ينتمون إليها، لأنهم يستقوون بذلك من أجل دعم مصالحهم فى الخارج لا العكس.
والثورة قامت على العطاء والفداء، وهى مستمرة حتى النصر بإذن الله.
وما زال الحوار متصلًا.