توقعت أن يفعلها ويهرب عمرو دياب فى اللحظة الحاسمة، ولا يقدم المسلسل المرتقب، ولم أكن أضرب الودع ولا أفتح الكوتشينة أو أقرأ الفنجان، الانسحاب ليس خبرا جديدا ومن يتابع مسيرة عمرو مع بحر الدراما، سوف يكتشف أنه كثيرا ما أعلن عن استعداده لنزول البحر، وأعد العدة وارتدى طوق النجاة من الغرق، وتنشغل الصحافة بمتابعة الخبر، ثم تقرأ خبرا مثل الذى نشره أمس الزميل محمد زكريا على صفحات «التحرير» عنوانه «عمرو خارج السباق الرمضانى».
الفكرة التى التقطها مدحت العدل تبدو كأنها مصنوعة على مقاس وملامح النجم الشهير، وفى نفس الوقت تسمح بأن يجرى بعيدا عنها لو أراد البحث عن خيوط أخرى. إنها الشهرة والوصول إلى الذروة، وماذا بعد. لمحة ذكية من شاعر كبير وكاتب درامى متميز، كانت له أفلامه المهمة مع المخرج خيرى بشارة، كما أن له نصيبا وافرا أو هاما من الأغنيات المتميزة على حنجرة عمرو دياب، إلا أن الأمر فى النهاية مرتبط بعامل آخر وهو إرادة عمرو، فهو كثيرا ما أعلن وكثيرا ما تراجع. السبب الحقيقى لا أتصوره مرتبطا كما هو معلن بالكاتب مدحت العدل الذى لم يكمل كتابة المسلسل، ولكنه أنهى 20 حلقة وهو رقم لو تعلمون عظيم. البعض يبدأ التصوير وليس لديه سوى خمس حلقات، وهناك من يشرع فى التنفيذ بلا سيناريو، ويتم التأليف الفورى على الهواء.
عمرو له تجربة يتيمة فى بداية المشوار مع التليفزيون، مسلسل «ينابيع النهر» للمخرج عادل صادق، وله فى السينما أربعة أفلام أهمها «آيس كريم فى جليم»، وهو بالمناسبة أول أفلام مدحت وإخراج خيرى بشارة، وأهم أفلام عمرو، وفى رصيد عمرو السينمائى ثلاثة أخرى «السجينتان»، و«العفاريت»، و«ضحك ولعب وجد وحب»، ولكنك لن تلمح أى نجاح تجارى، ثم إنه مبتعد 20 عاما عن التمثيل، ويجب ملاحظة أن فى جيل عمرو كان محمد فؤاد يحقق نجاحا تجاريا أكبر فى شباك السينما، يكفى أن أذكر لكم «إسماعيلية رايح جاى»، وفى الجيل التالى مصطفى قمر، لديه حضور ملفت أمام الكاميرا وإيرادات أكبر، بالطبع اختفى الاثنان من الخريطة، لنجد أن عرش الإيرادات فى الدراما يذهب إلى تامر حسنى منافس عمرو التقليدى، بينما عمرو خارج المعادلة، قدم تامر مسلسلا ناجحا «آدم» قبل عامين، وكلمة ناجح، تعنى أن الأرقام فى التوزيع شهدت لصالحه، ويستعد هذا العام بمسلسل «ياسين»، وسوف تجد أن المقارنة واردة جدا بينهما، وهو ما يعمل له عمرو وتامر بالتأكيد ألف حساب، وصل الأمر إلى أن كلا منهما يستعين ببطلة سابقة من فرقة «الفور كاتس»، عمرو دياب استحوذ على مايا دياب، بينما تامر حسنى وقع اختياره على نيكول سابا، ولا أتصور أن الأمر مجرد صدفة.
الحقيقة أن تاريخنا مع المطربين منذ بداية فن السينما قبل بداية الإرسال التليفزيونى يؤكد أنها تشكل جزءا رئيسا فى إبداعهم، أم كلثوم وعبد الوهاب وليلى وفريد وفوزى وشادية وهدى وعبد الحليم ورشدى والعطار وشاكر، بل إن كبار الملحنين مثل السنباطى والموجى ومنير مراد شاركوا أيضا فى بطولة أفلام سينمائية، ولكن النجاح شىء آخر. وبعد عبد الحليم لم يستطع الاستمرار سوى تامر، نعم بموهبة محدودة فى فن الأداء ولكن بحضور أمام الكاميرا، وجمهور يترقب، وإيرادات لا يمكن إغفالها تتحقق، وله فى كل موسم فيلم له إيرادات واضحة فى الشباك.
ابتعاد عمرو عن الدراما والتمثيل سببه غير المعلن هو الخوف من الهزيمة الرقمية، وكلما طال الغياب أصبحت العودة مستحيلة، وأتصور أن كلا من مسلسلى عمرو وتامر كان سيتحمل شىئا من الخسارة الرقمية لو عُرضا معا، مثلما حدث قبل نحو 7 سنوات عندما تصارع مسلسلا سعاد حسنى «السندريلا» وعبد الحليم «العندليب»، وفشل المسلسلان لأسباب متعلقة بالمستوى الفنى، هذه حقيقة، ولكن الحقيقة أيضا أن كلا منهما لعب دورا غير مباشر فى هزيمة الآخر.
تردد عمرو كان متوقعا، وربما أيضا فى رمضان 2015 سيبحث عن وسيلة أخرى للاعتذار فى اللحظات الأخيرة. وتبقى فكرة الشهرة كعمل درامى قائمة، ومن الممكن مع تغييرات طفيفة أن يقدمها نجم آخر، وعلى طريقة الانقلاب الدرامى لا أستبعد أن تحلو الفكرة فى عين تامر ويقتنصها من عمرو، لتشتعل بعدها مواقع التواصل الاجتماعى بالصراع بين «الهضبة» و«نجم الجيل»!!