الرئيس يدعو لانتخابات مبكرة وتشكيل حكومة وفاق وطنى وإجراء إصلاح دستورى
المحتجون فى الميادين يتجاهلون مبادرات يانوكوفيتش.. والمعارضة أمام خيارات مُرّة
أسفرت الوساطة الأوروبية–الروسية بين السلطة والمعارضة فى أوكرانيا مجددًا عن توقيع اتفاقية بالأحرف الأولى لتسوية الأزمة الأوكرانية. السلطات الرسمية وحزب المناطق الحاكم قدما تنازلات جديدة، من قبيل مناقشة البرلمان لتعديلات دستورية، ووقف عملية مكافحة الإرهاب، وسحب وحدات الجيش من العاصمة والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة وفاق وطنى.
وأعلن الرئيس الأوكرانى فيكتور يانوكوفيتش عن أنه يبادر لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة وفاق وطنى وإجراء إصلاح دستورى، وذلك فى إطار الخطوات الرامية إلى وقف إراقة الدماء فى البلاد. وأعلن عن الخطوات التى اعتبرها ضرورية لإحلال الهدوء وتجنّب سقوط مزيد من الضحايا، وقال إنه يبادر فى إطار هذه الخطوات، لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة والعودة إلى دستور عام 2004 الذى يعطى جزءًا أكبر من الصلاحيات للبرلمان، بدلًا من الرئيس.
كما دعا يانوكوفيتش إلى بدء عملية تشكيل حكومة «وفاق وطنى»، وكان الديوان الرئاسى فى أوكرانيا قد أعلن أن المشاركين فى المفاوضات العاجلة بشأن تسوية الأزمة فى البلاد، أجمعوا على توقيع اتفاقية خاصة بتسوية الوضع، وبالفعل تم التوقيع على الاتفاقية بالأحرف الأولى ظهر الجمعة.
وتأتى الوساطات الغربية على خلفية التلويح بعقوبات أوروبية–أمريكية ضد أوكرانيا ومسؤوليها الرسميين، بينما لا يخلو المشهدان السياسى والميدانى من التناقضات الحادة بفعل تصريحات كبار المسؤولين فى أوروبا والولايات المتحدة التى تقصد التهدئة فى العلن، بينما تدق الأسافين السياسية والاجتماعية وراء الأبواب الموصدة وخلف الأهداف التى تتضح أبعادها تدريجيًّا.
وعلى الرغم من كل ذلك فالمعارضة اليمينية الأوكرانية الموالية لأوروبا بزعمائها الثلاثة لا تستطيع التحرك دون المشورة والدعم الأوروبيين–الأمريكيين، وغير قادرة ليس فقط على التحكم فى حركة الشارع، بل ولا تستطيع أيضًا التخلّى عن التحالف مع القوى القومية المتطرفة، مما يجعل المسار السياسى غامضًا ومحفوفًا بالمخاطر الموجودة فعلًا على أرض الواقع.
وخلافًا للمسار السياسى يبقى الوضع الميدانى قابلًا للانفجار فى أى لحظة. فميدان الاستقلال لم يبد أى رد فعل على تصريحات يانوكوفيتش ومبادراته، بينما ميدان أوروبا الذى يبعد عن الاستقلال ٥٠ مترًا فقط تحوّل إلى ثكنة عسكرية بمتاريس حديدية وخرسانية وحراسة مشددة من جانب المحتجين الذين يقللون من مبادرات السلطة وتنازلاتها. كل ذلك يدفع بعلامات استفهام كثيرة حول المعارضة اليمينية التابعة لأوروبا وقدرتها على التعامل مع الشارع الأوكرانى، وهو الأمر الذى يحيلنا إلى توقع صدامات بين المحتجين وبين المعارضة التى تعتبرها أوروبا والولايات المتحدة معتدلة. ومن المتوقع أيضًا أن يحدث انقسام حاد فى صفوف المعارضة، إذ إن حزب الحرية القومى المعارض لديه حساباته التاريخية، سواء مع روسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة أو مع الثلاث مجتمعة.
وبمبادرة يانوكوفيتش تصبح المعارضة مهددة بالفعل من داخلها ومن الشارع، بينما تخطط السلطات الرسمية للتعامل مع المحتجين فى الميدانين، والشروع فى إزالة المتاريس والحواجز، وهو ما ينبئ بصدامات قريبة قد تسفر عن وقوع قتلى وجرحى. وفى الوقت ذاته ستكون المعارضة أمام خيارات مُرّة، فإما العودة إلى الميادين، أو التخلّى عن حلفائها الذين وقفوا طوال أشهر الشتاء القارس وتحملوا عديدًا من المواجهات مع قوات الأمن، مما أدّى إلى خسائر كبيرة فى الأرواح وصلت إلى أكثر من ٧٧ قتيلًا ومئات الجرحى منذ تصاعد وتيرة أعمال العنف خلال أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس الماضية.
لكن القائم بأعمال وزير الداخلية الأوكرانى فيتالى زاخارتشينكو، أعلن، أمس، أن حصيلة ضحايا المواجهات بالعاصمة كييف ارتفعت إلى 80 قتيلًا.