ربما يحدث فى كثير من الأماكن ولأسباب كثيرة، بل إن بعض المدارس فى النجوع التى ربما لا يعرف عنها الوزير شيئًا تتوقف الدراسة بسبب المطر، لأن هطول المطر بكثافة كفيل بأن يحيط تلك المدارس ببحيرة كبيرة من الروبة، عند اختلاط الماء بطمى الأرض الزراعية مما يحول بشكل كبير بين الطلاب والعبور إلى المدرسة. ما يلفت نظرى عند سماع مناقشة الناس العاديين فى هذا الموضوع، هو عدم الثقة فى تبريرات الحكومة، وتقديم السبب الأمنى على السبب الصحى، ومنهم طبعًا كثيرون من النخبة المصرية. فعبد الحليم قنديل ومربع «ساعة مصرية» كان شبه متفق على أن السبب أمنى وليس صحيا، وسمعت هذا أيضًا من أفراد عاديين من المجتمع المصرى، لماذا لا يصدق الناس الحكومة؟ وعندما ثار تساؤل، ولكن التعليم الثانوى ليس مؤثرًا بشكل كبير، فليس هو الطرف الفاعل فى المظاهرات، فكان الرد، عشان يدَّارا فيهم التعليم الجامعى، ويكون السبب الصحى مبررا، أما لو كانت الجامعة فقط، فستكون شبهة السبب الصحى غير مبررة.
هذه لم تكن الموجة الأولى للإنفلونزا، فقد مرت بمصر قبل ذلك إنفلونزا الطيور، وأيضًا إنفلونزا الخنازير، رغم الرعب الذى أثاره الوزير الأسبق وقتها حاتم الجبلى وحديثه عن المقابر الجماعية والوباء القاتل، وأفردت وقتها نشرات الأخبار وبرامج التوك شو جُلّ وقتها للحديث عن هذا الأمر، ثم اكتشفنا أن المرض موجود فى كل العالم، ولكننا وحدنا الذين صنعنا هذه الضجة المبالغ فيها، ولم يتم تأجيل الدراسة فى مدن العالم، ولكننا وحدنا تفردنا فى هذا الأمر، وأنا أتذكر أن التأجيل كان بسيطًا، وبعد ذلك تم أخذ الاحتياطات اللازمة بغرف العزل وقتها وعدم التشديد على غياب الطلاب تحت مبررات ظهور الأعراض وقتها، وتم استئناف الدراسة وقتها، المهم فى الأمر وبعد ثورتين وبعد دستور يتحدث عن شفافية، مفقودة حتى الآن، كان المفروض على الحكومة أن تعقد مؤتمرا صحفيا كبيرا، تجيب فيه عن كل أسئلة الصحفيين، وأن يحضر فيه بالأخص وزير الصحة ووزير التعليم العالى، والتعليم قبل الجامعى ويجيبون عن كل أسئلة الصحفيين، لا بيانًا مقتضبًا يمرر على شريط الأخبار، خصوصا إذا كان الذهاب إلى المدارس فيه خطورة على المواطنين، إذا ما وضع الذهاب إلى السينمات والمولات وأماكن التجمعات! أليس خطرًا؟ رغم أنى لم أعبأ وذهبت مع أولادى لمشاهدة فيلم «لا مؤاخذة» (وسيكون لنا معه حديث آخر)، ولكنى عندما أخبرت أحد الإعلاميين عن ذلك، عبر عن مخاوفه وعدم تجرئه على ذلك مع أولاده، عدم القدرة على مجابهة الصحفيين المباشرة والرد على أسئلتهم، يزيد الشكوك، خصوصا أنه شىء يهم كل بيت فى مصر، حتى إغلاق المدينة الجامعية الذى اتخذ بكل بساطة وفى منتصف العام، ومشكلة المدينة الجامعية للذى لا يعيها، فالطالب أو الطالبة يسكن مجانًا ويأكل الثلاث وجبات باشتراك ضئيل، فجأة، تلقى بهؤلاء إلى الشارع، مئات الآلاف من الطلاب، لتشتعل سوق العقارات فى أماكن محدودة حول الجامعات فى مصر، فالشقة المفروشة تصل إلى ألفين وثلاثة آلاف فى الشهر هذا التحميل المفاجئ لسوق العقارات فى تلك الأماكن المحدودة قد يرفعها إلى ضعف هذا الرقم، مما يحمل الفرد مبلغًا زائدًا، قد يصل إلى ألف جنيه فى الشهر، تكلفة السكن والوجبات اليومية غير المدعومة، فما بالك لو أسرة لديها أكثر من طالب جامعى، فى نفس الوقت، فى ظل ظروف اقتصادية متدنية، هل فكرتم فى هؤلاء؟!
المناهج، متوسط الأسابيع الدراسية فى العام 27 أسبوعا، 15 فى الترم الأول و12 فى الترم الثانى، تم إلغاء 4 منهم مما يوجب تخفيض المناهج إلى الثلث، بالنسبة للصف الثالث الثانوى تم إلغاء 4 أسابيع من واقع 27 بنسبة 15% تقريبًا فهل سيتم إلغاء 15% من المنهج «سامع واحد هناك بيقولى، حنضحك على بعض ما كلهم بياخدوا دروس»، هل أصبح واقعًا؟ لم يفكر الوزير أن هناك فقراء ولو قلائل يعتمدون على المدرسة، لم يراع الوزير، كثرا يعتمدون على الدروس فى المواد الصعبة، مثل الرياضيات واللغات، ولكنهم ربما يعتمدون على المدرسة فى المواد النظرية. أيتها الحكومة رفقا بالقوارير، واللى مش قوارير، ومغرفتين شفافية واتوصوا لو سمحتو.