فى نفس اليوم الذى وقعت فيه الحادثة الإرهابية المنحطة فى «طابا»، كانت مؤشرات البورصة المصرية تتغلب على الكارثة وتسجل ارتفاعات ملحوظة، وكانت أفواج سياحية تتحدى سفالة الإرهاب وتأتى لزيارة مصر، وبعضها من الأمريكان والأوروبيين جاء عبر منفذ «طابا» ومرّ من مكان الحادثة ليواصل زيارته.
لا يعنى ذلك أن الحادثة الإرهابية لن تؤثر فى السياحة أو تضر بالاقتصاد، ولكنه يعنى أن مصر قادرة على تجاوز الأزمة، وأن الإرهاب -مهما توحش ومهما نال من دعم أجنبى خسيس- لن يكون مصيره إلا الهزيمة.
بالطبع، علينا أن نراجع الإجراءات الأمنية، وأن لا تأخذنا رحمة بعصابات الإرهاب، وبكل من يدعمونها، وأن تمتد أيدينا لتطارد رؤوس الفتنة وقيادات هذه العصابات فى أى مكان من العالم يختبئون فيه.. ولنا فى الأمريكان أسوة حسنة حتى ولو كانوا يضعون أيديهم فى أيدى عصابات الإرهاب ويتحالفون مع «الإخوان» ضد شعب مصر، ورغم ذلك فأمريكا تطارد كل من يقترب من أمنها، ولا تعترف فى سبيل ذلك بقيود أو بحدود.
إن استهداف السياحة فى هذا التوقيت بالذات ليس عشوائيا، كانت كل محاولات الإرهاب قد باءت بالفشل، وكانت الحياة قد بدأت تعود لهذا القطاع المهم الذى يعيش عليه بضعة ملايين من العاملين فى السياحة وفى الصناعات الأخرى التى ترتبط بها، وكانت روسيا قد وعدت بمضاعفة عدد السياح لمصر، وكانت الآمال بأن يكون النصف الثانى من شتاء هذا العام حتى بداية الصيف القادم بداية لانتعاش كبير فى سوق السياحة، وهو أقصر السبل وأسرعها لإنعاش الاقتصاد المصرى بأكمله.
عندما تأتى الضربة فى هذا التوقيت، فهذا يعنى أن هناك عقلا يخطط أكبر من العقول التافهة لجماعات الإرهاب، وأن أجهزة أكبر تحدد لهؤلاء الأوباش خطواتهم وتدير تحركاتهم، وأن اجتماعات لندن وإسطنبول ولاهور وغيرها كانت تؤكد تحالف الشر بين «الإخوان» و«القاعدة» وأجهزة المخابرات الأجنبية، التى تريد حصار مصر وضرب ثورتها، وحكام عملاء فى دول تابعة سوف يدفعون الثمن عاجلا.. أم آجلا!!
محاولة ضرب السياحة فى هذا التوقيت بالذات، تعنى أنهم مصممون على إعلان الحرب ضد شعب مصر، وأنهم يريدون حرمان الملايين من لقمة عيش حلال، وأنهم يتصورون أن ذلك هو انتقالهم من شعب أسقط الفاشية واختار القرار المستقل والإرادة الحرة.
ولم تكن مصادفة أن تأتى حادثة طابا الإرهابية فى نفس توقيت الانتهاء من مشروع قانون انتخابات الرئاسة، تمهيدًا لبدء هذه الخطوة الحاسمة فى تثبيت أركان النظام الجديد وانتهاء الفترة الانتقالية، فالمطلوب تعطيل ذلك بأى طريقة، والمطلوب أن تظل مصر فى دوامة عدم الاستقرار حتى لا تمضى فى تنفيذ خطة المستقبل، وحتى لا تبنى الدولة التى تستطيع مواجهة التحديات وتحقيق أهداف الثورة، واجتثاث الإرهاب من جذوره، وتصفية الحساب مع كل من ساعدوا الإرهاب الأسود وتوهموا أنهم قادرون على تحويل مصر إلى صورة أخرى من سوريا التى يتم تدميرها، أو العراق الذى يجرى تقسيمه، أو الصومال الذى تحول إلى جنة للديمقراطية كما يقول أنصار الظالم القادمون من كهوف العصور الوسطى.
استهداف السياح ليس علامة قوة بل دليل يأس، عندما تقترب المعارك من نهايتها يشتد لهيب النيران، لم ينتصر إرهاب على شعب ودولة أبدا.. ولن ينتصر، سوف نستأصل عصابات الإرهاب بقيادة الإخوان من جذورها، أما الدول التى تدعمهم فعليها أن تتذكر الدرس الذى ذاقت مرارته كل الدول التى رعت الإرهاب أو تحالفت معه لتنفيذ مخططاتها.. بدءًا من أمريكا وانتهاء بأصغر دولة، الدرس الذى ينبغى على دول مثل قطر أو تركيا أن تتذكره هو أن من يرعى وحش الإرهاب، عليه أن ينتظره فى غرفة نومه، وأن يكون مستعدا لدفع الفواتير!!