لعلّ ما يُثار الآن عن التعذيب فى السجون وأقسام الشرطة، ونفى وزارة الداخلية ذلك الأمر والتى لا يصدّقها الناس، يجعل هناك أهمية لدور النيابة العامة فى ممارسة دورها كضمير ومحامٍ عن الأمة.
فما زال دور النيابة غائبا فى كثير من القضايا، خصوصا فى ما أثير خلال الأيام الماضية عن تعذيب فى أقسام الشرطة.
فلم تتحرّك النيابة..
ويبدو أنها فى حاجة إلى بلاغات من أجل التحرّك.
ورغم أن هناك بلاغات بالفعل تم تقديمها إلى النيابة من منظمات حقوقية ومن أشخاص، بل ومن المجلس القومى لحقوق الإنسان والذى له حقوق دستورية وفقا للدستور الجديد، فإنه ليس هناك دور للنيابة حتى الآن.
ومن حق النيابة، وفقا للقانون، أن تقوم بالتفتيش على أقسام الشرطة والسجون، وبشكل مفاجئ، لكن ذلك لم يحدث.
ولعلنا نذكر قبل ثورة 25 يناير قام وفد من النيابة العامة بزيارات مفاجئة إلى بعض الأقسام، ووجد كمّا هائلا من الأدوات التى تستخدَم فى التعذيب!!
لكن مع الأسف الآن، ويبدو مع عودة الشرطة للانتقام، لم تتحرّك النيابة.
بل هناك تقصير ليس من جانب النيابة فقط، وفقا لشهادات بعض أعضاء النيابة، وإنما فى إهمال تأمينهم، فليس هناك حراسات خاصة لهم فى أثناء أداء عملهم، مما يجعل عضو النيابة لا ينتقل كثيرا إلى مناظرة الحالات، وإنما يعتمد على الورق الذى يُقدّم إليه، وهو ما يجعل قراره مؤجلا، ومن ثم نجد حالات تجديد الحبس الاحتياطى فى أمور لا تحتاج فى الغالب إلى استمرار الحبس.
ولعل ذلك يطرح السؤال الأكبر.. ماذا جرى فى جهاز الشرطة؟
لم يحدث أى تغيير أو تطوير فيه رغم كل المطالبات والدراسات التى تم طرحها بعد ثورة 25 يناير2011.
أى نعم حدث تطور آخر بعد التخلص من حكم الإخوان أصبح ضباط الشرطة كافتهم على قوائم الاغتيال ومرصودين من قِبل الجماعات الإرهابية، ومع هذا يقف الشعب معهم بعد أن استطاع إعادة الثقة إليهم فى ثورة 30 يونيو.
وما زال هناك مساندة شعبية للشرطة ورجالها فى مواجهة الإرهاب، وذلك وفقا للتفويض الذى قدّمه الشعب إلى الجيش والشرطة لمحاربة الإرهاب المحتمل.
فكان تفويضا لمواجهة الإرهاب، وليس لاستعادة القمع الذى كانت عليه الشرطة فى عهد مبارك ووزيره العادلى، حيث كانت ممارساتهم القمعية وتعذيب المواطنين والمتهمين من الأسباب الرئيسية لثورة 25 يناير.
ومع الأسف الشديد هناك تفويض حكومى لوزارة الداخلية نفسها لتقوم بالتطور، ولم يحدث أى شىء «ففاقد الشىء لا يُعطيه».
وليس هناك خيال سواء لدى الحكومة أو قيادات الداخلية لتطوير الأداء، اللهم إلا استعادة دورهم والتورّط سياسيا أكثر مما ينعكس بشكل خطير على الأمن العام وأمن الوطن، وفقد الثقة فى الشرطة بشكل عام.
وذُكر كثير عن التطوير، ولم يحدث أى شىء، وحتى عندما تولى الإخوان الحكم وكانوا ينادون بإعادة هيكلة الداخلية وتطويرها -نفاقا لمطلب الثورة- بذلوا كل الجهد من أجل اختراق أجهزة الداخلية من أجل أن يجعلوها فى صالحهم، ونجحوا لفترة فى ذلك. ولعل مراجعة أحداث الاتحادية فى 5 ديسمبر 2012 وبعدها أحداث المقطم تؤكد ذلك، فضلا عن الحوادث التى يتعرّض لها بعض ضباط الشرطة من اغتيالات، تؤكّد أن هناك دورا لبعض الخلايا النائمة التى استطاعت الجماعة توليدها داخل الداخلية.
من هنا يأتى أهمية تطوير الداخلية.. وربما سيكون ذلك على رأس أولويات الرئيس المقبل وفى برنامج ترشحه.
ولعل قبل إنجاز التطوير والهيكلة فى الداخلية على يد الرئىس المقبل ننتظر الدور الفعال للنيابة العامة بما تمثّله من قيامها كمحامٍ عام عن المواطنين وضمير الأمة، فى وقف الانتهاكات التى تسىء إلى هذا الشعب العظيم الذى قام بثورتين ضد الاستبداد والقمع والظلم، ومن أجل الحرية والعدالة ودولة القانون.